
الحق لا يُجزَّأ، والوفاء لا يُقسَم على هوى السياسة، فإن كان لبعض الجهات العسكرية نصيب في “كيكة” السلطة بحكومة الأمل وتغير الامر من التكنوقراطية المختارة إلى السياسية (المنقاة) ! ، فمن باب أولى أن يُعطى الحق كاملًا غير منقوص لأولئك الذين لم يغِب موقفهم منذ اللحظة الأولى، منذ أن دوّى (بروجي) الحرب في سماء الوطن، أولئك الذين ثبتوا حينما تفرّق الآخرون، ووقفوا حين تراجع البعض، وربطوا مصيرهم بفكرةٍ أكبر من المناصب، وأسمى من الكراسي: الوطن، وجيشه، ووحدته
أروني جهةً سياسيةً واحدةً وقفت بصدق، دون مناورة، إلى جانب القوات المسلحة يوم كان الوقوف مكلفًا، وكان الاصطفاف مؤذيًا، والتضامن محفوفًا بتُهَم الجاهزية الإعلامية والاغتيال المعنوي! هل نخجل من قول الحقيقة؟ هل ندفن رؤوسنا في الرمال كي نظهر بمظهر “الحياد النزيه”؟ لا حياد في معركة البقاء، ولا نزاهة في خيانة الموقف
الإسلاميون شئنا أم أبينا كانوا في مقدمة الصفوف، لا لأنهم طلاب سلطة، بل لأنهم رأوا في وحدة السودان معركةً تستحق أن تُخاض، ولو بأرواحهم ، لم يتسوّلوا مقعدًا، ولم يزاحموا أحدًا، لكن العدل يفرض أن تُقسَم الكيكة على من صنعها: من جهّز مكوِّناتها، من عجنها، من راقب نُضجها، من أدخلها النار صابرًا، ومن أخرجها ووضعها في صحنٍ نظيف يليق بالوطن
أما أولئك الذين لم يذوقوا سوى رائحة الكيكة، فجاؤوا بعدها يتقافزون على أطرافها كأنهم كانوا في قلب الحدث فلا مكان لهم على المائدة، إن كانت السلطة تكريمًا، فإن التكريم يُمنح لمن وقف ساعة العسرة، لا لمن ظهر في لحظة البهرج !
الحق لا يُؤخذ بالوصاية، ولا يُمنح بالمجاملة، ومن قاتل لأجل الوطن لا يُحرَم من شرف خدمته، أما محاولات الإقصاء، فهي صيغ أخرى من الظلم السياسي، وإن تلثّمت بكلماتٍ برّاقة
إني من منصتي أنظر…. ثم أقول : أحلالٌ على بلابله الدوح؟ فهل يجوز أن يُحرَم من دفع روحه ثمنًا لهذا الدوح؟.