
منذ اليوم الأول للثورة فرض حظر تجوال من السادسة مساء و حتى السادسة صباحا .
نفذ الحظر بنسبة %100 حتى لصوص الليل اختفوا و اضحت أبواب المنازل مشرعة على مدار اليوم و الليلة ، و بات الانسان آمن .
عناصر من مخابرات جون قرنق المتواجدة في العاصمة حاولت الاعتداء على بعض الثوار في اوقات مبكرة من اليوم التالي فتمت مداهمتهم و حسمهم ،و فروا خارج العاصمة و منها إلى الجنوب بمساعدة الكنائس .
أحجم مستوردو القمح و السكر عن إدخال شحنات جديدة و كانوا من الاتحاديين ، تم التفاهم معهم و لما اطمأنواة على أوضاعهم طلبوا وشحنات جديدة .
نفذ إضراب لعمال المخابز فاستنفرت الحركة الاسلامية شبابها الطلاب للعمل عوضا عنهم فافشلوا الإضراب .
مجئ الثورة شكل صدمة للاحزاب المعارضة فلم تستطع تعطيل خدمات المياه و الكهرباء ، ولو تجرأت لنالت من الجزاء ما لم تنله يد .
بعض افراد الشرطة و صغار الضباط الشيوعيين اعتدوا جسديا و لفظيا على بعض شباب الثورة فتم حسمهم في ذات اليوم و رفتوا من الخدمة .
انقلاب البعث حسم خلال ساعات وحوكم المتورطون ايجازيا أمام المحاكم العسكرية و نفذت الأحكام و فقا للقوانين العسكرية .
انقلاب انا السودان الذي نفذه الحزب الشيوعي و قيادات من حزب الامة تم ضبطه لحظة التنفيذ ، و حكم المدانزن بالإعدام ثم عفا عنهم البشير ، التقيت أحدهم قبيل مغادرته البلاد عبر مطار الخرطوم فقال لي : لو لم يفعل البشير حسنة في حياته الا العفو عنا لكفته .
انقلاب العقيد / عوض الكريم النقر و ئد لحظيا و اعتقل قائده بعد مطاردة استمرت ليومين .
كونت الإنقاذ أقوى جهاز مخابرات في الشرق الأوسط و فقا لتصنيف ورد في الإذاعة البريطانية .
الجيش و مجاهدي الدفاع الشعبي هزموا المتمردين و اجبروهم على الفرار إلى خارج البلاد .
قلدت الإنقاذ الهيكل الشيوعي لثورة مايو فكان الدفاع الشعبي مقابل الحرس الوطني و اتحاد المرأة مقابل اتحاد نساء السودان و اللجان الشعبية .. . الخ ، لكن فيما بعد أصبحت هذه الهياكل مدخلا للاختراق .
الإنقاذ نفذت ما و عدت فكانت الطرق و الجسور و الخزانات و مشاريع حصاد المياه و الموانئ البحرية و الجوية و البرية ، و التوسع في المشاريع الزراعية و الحيوانية و استخراج النفط و الغاز و الذهب و توطين الصناعات الحربية ، تمت زراعة القمح و تحقق الاكتفاء الذاتي و صدر نحو 150 الف طن إلى مصر ، مثلما تحقق الاكتفاء الذاتي من سلعة السكر ، و رغم الحصار الأمريكي الغربي ملأت المنتجات السودانية الأسواق الأفريقية .
كذلك حدث توسع في التعليم العام و العالي ، و المشافي والصناعات الدوائية ، و الحديد و الصلب و إنتاج السيارات و الشاحنات و الحافلات و التراكتورات .
تم تطبيق شعار ناكل مما نزرع و نلبس مما نصنع عمليا .
القنصل الأمريكي في القاهرة التقى نظيره السوداني و قال له : لأول مرة نشعر بوجود حكومة قوية و محترمة في السودان .
قال لي أحد ناشئة العملاء الذين زرعتهم المخابرات الأمريكية : لا أحد يستطيع هزيمة الإنقاذ لكنها ستضرب من داخلها ، و قد كان .
هذا قليل من كثير .
وكل عام وانتم بالف خير .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الاثنين 30 يونيو 1989 .