
فرنسا مدت عينيها إلى السودان يوم نصبت الخديوي / محمد على باشا حاكما على مصر عام 1805 .
ومنذ تمدده في الاراضي السودانية سنة 1821 استفادت باريس من ثروات السودان وافادته نماء شاملا .
المنظمات السرية الثورية الفرنسية أشعلت الثورة المهدية لاقصاء الانجليز من السودان و على رأسهم الحكمدار غردون باشا .
تلك المنظمات اوفدت سرا عنصرها القوي اوليفيه بان لمساعدة ثوار المهدية .
قنصل فرنسا بيار دونالد خرج من منزله ليهنئ الثوار بفتح الخرطوم 1885 لكنهم قتلوه جهلا .
و برفض المهدي و خليفته المساعدة الفرنسية اطبقت على البلاد عزلة دولية تاريخية .
لزعزعة المستعمر البريطاني ساعدت فرنسا على نشر الشيوعية في السودان منذ تاسيسها في العام 1913 .
مثلما ساعدت على تكوين حركة اسلامية مناوئة للانجليز مطلع اربعينيات القرن الماضي .
مؤتمر الخريجين و حزب الازهري الوطني الاتحادي ساندته فرنسا بواسطة الملك فاروق آخر حكام الخديوية .
الفرنسي هنري كورييل عضو المنظمات السرية الثورية الفرنسية هو من اهل الطالب عبد الخالق محجوب لقيادة التنظيم الشيوعي السوداني الذي عرف بالجبهة المعادية للاستعمار .
عقب خروج المستعنر البريطاني في يناير 1956فوجئت فرنسا باستعمار سري بديل تقوده واشنطون التي اطاحت بحكومات الازهري وعبد الله خليل وعبود والصادق المهدي ونميري وحكومةالصادق المهدي الثانية، لذلك عندما نجحت ثورة الإنقاذ الوطني في العام 1989 استقبلت باريس د. حسن الترابي إستقبال الفاتحين ، و برغم ذلك عمل السفير الفرنسي لدى السودان على تهريب محمد ابراهيم نقد سكرتير عام الحزب الشيوعي من إقامته الجبرية في العام 1992 .
الإنقاذ منحت شركة ارياب للمعادن امتيازا بالتنقيب عن الذهب شرقي السودان .
عنصر أمن سوداني رصد عملية تصوير سرية ب ( الفيديو ) لمباني القيادة العامة للجيش بواسطة السفارة الفرنسية في الخرطوم ، و هذا سر تشييد جدار خرصاني حول المبنى .
تم ضبط عناصر من شرق وغرب أفريقيا مرتبطة بالمخابرات الفرنسية ، اشهرها فتاة اخترقت السلاح الطبي و عملت في لجنة إخلاء جرحى العمليات و جمعت معلومات مهمة رفدت بها باريس .
لفرنسا جهاز استخباري في السودان ، صغير لكنه ذو كفاءة عالية .
و له أعين تراقب ما يجري في داخل مؤسسات الدولة بما في ذلك وزارة الخارجية و الانساق الأمنية .
أرى أن النشاط الأمني الفرنسي في السودان يمكن تصنيفه بغير المضر فهو من قبيل التحسس لا التجسس .
تبني باريس لقوات عبد الواحد محمد نور هدفه التذكير بأنها موجودة في المنطقة .
لم يرصد دور منفرد لفرنسا في حرب متمردي الدعم السريع الا ان يكون ذلك من خلال الاتحاد الأوروبي .
اما القول بأن فرنسا هي التي وقفت خلف الحرب كون الدعم السريع من دارفور فهو قول مردود ، فالأثر الفرنسي في دارفور محدود للغاية مقارنة مع الأثر الألماني .
على فرنسا إدراك ان أميركا لاتريد للسودان استخراج النفط والغاز والذهب من باطن الأرض ( كونه مخزون استراتيجي ستلجأ له مستقبلا ) ، ولامانع لديها من استخراج الذهب السطحي .
عليه يمكنها الإتفاق مع الحكومة الأمريكية للاستثمار في مجالات أخرى مثل الصمغ العربي والكاكاو ونخيل الزيت والصندل والباباي ، تصحبها صناعات تشمل العطور ومستحضرات التجميل والحلوى والاستثمار في الذهب السطحي واسماك البحر والنيل .
آمل ذلك .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الخميس 26 يونيو 2025 .