
مطلع اربعينيات القرن الماضي ولد عثمان السيد فضل السيد ، و هو من أبناء حي القبة ( قبة الشيخ اسماعيل الولي ) بمدينة الأبيض .
تلقى تعليمه الأولى و المتوسط و الثانوي بذات المدينة و عمل معلما في مدرسة الأبيض الوسطى ثم غادر إلى العاصمة اللبنانية بيروت و التحق بجامعتها الأمريكية و تخرج في كلية الآداب قسم التاريخ ثم حاز على درجة الماجستير تخصص تاريخ .
عاد إلى مدينة الأبيض و عين معلما لمادة التاريخ بمدرسة خورطقت الثانوية العليا .
تم ترشيحه للعمل في جهاز الأمن القومي الوليد في العام 1969 ذلك في عهد ثورة مايو .
كان ضمن اول دفعة ضباط جامعيين ، ثم ابتعث مع دفعته لدراسة علوم المخابرات في العاصمة السوفيتية موسكو .
كان رئيس الجهاز و قتها الرائد استخبارات عسكرية / مامون عوض ابوزيد ، عضو مجلس قيادة الثورة .
عاد عثمان مع زملائه إلى الخرطوم و عمل بفرع المعلومات و منه قنصلا عاما للجمهورية السودان في بيروت .
هنالك تجلت مواهبه الاستخبارية و استفاد من علاقاته بالجالية السودانية و معارفه اللبنانيين و مختلف الجنسيات ، و كانت بيروت و قتها مقصدا لقادة مخابرات العالم .
بعد العام 1976 عاد عثمان إلى الخرطوم ضابطا في إدارة الأمن الخارجي ، و كانت أجهزة مخابرات الغرب و اميركا قد فتحت أبوابها لتدريب ضباط الأمن القومي فنهلوا من معين المخابرات البريطانية و الفرنسية و الألمانية و الإيطالية و الأمريكية فصاروا منارات سامقات في دنيا المخابرات .
في العام 1978 دمج جهازي الأمن القومي و الامن العام في جهاز واحد باسم أمن الدولة فاستمر عثمان في منصبه ، و ترقى حتى رتبة اللواء و شغل منصب مدير إدارة الأمن الخارجي بدرجة وزير دولة .
كان عثمان مجيدا للغة الانجليزية كتابة وتحدثا ، فاللغات مهمة لعمل ضابط المخابرات .
في عهده توسع الجهاز اقليميا و دوليا حتى اطلق علية الامريكيون لقب افيال أفريقيا .
مثلما شهدت فترته عملية ترحيل يهود الفلاشات الاثيوبيين إلى اسرائيل بتوجيه من رئيس الجهاز اللواء / عمر محمد الطيب و رئيس الجمهورية جعفر نميري .
و كان عثمان شاهدا في محاكمة رئيس الجهاز بشأن ترحيل الفلاشات فاوضح ان العملية تمت تحت إشراف الموساد الاسرائيلي انطلاقا من السفارة الأمريكية في الخرطوم ، و فهم من شهادته انه لم يكن راضيا عن العملية .
كذلك تم تجريب فكرة المندوب الأمني غير المقيم في الدولة ا( لجوال ) و كان اول من كلف بها العقيد و قتها / هاشم اباسعيد في إيران سنة 1979 وما بعدها .
عمل على توثيق عرى العلاقات السودانية الخليجية خاصة مع المملكة العربية السعودية ، مثلما اعتنى بالعلاقات السودانية المصرية و السودانية الأمريكية .
اهتم ورعى حركات التحرر و اللاجئين الإثيوبية و كان عندهم بمثابة الأب و المعلم .
كان عثمان واسع الاطلاع مهتما بالدراسات و البحوث و التوثيق و قد حصل على ماجستير عسكري بعنوان العلاقات السودانية الإثيوبية في أكاديمية نميري للعلوم العسكرية ( الأكاديمية العسكرية العليا الآن ) .
عينته ثورة الإنقاذ 1989 سفيرا للسودان لدى إثيوبيا فابدع ، وأصبح عميدا لسفراء الدول العربية و الإسلامية و قد التقيته في أديس أبابا مرتين في العام 1992 .
بعد 14 عام قضاها في إثيوبيا عاد إلى السودان وأصبح مديرا لمركز البحوث و الدراسات الأفريقية .
كريم خلوق زاهد عابد ، واسع الصلات المجتمعية مع التنوع الفكري و السياسي و المهني .
رحمه الله رحمة واسعة و جعل البركة في ذريته و احفاده و أهله.
ان العين لتدمع وان القلب ليحزن و انا لفراقك ياعثمان لمحزونون و كلانقول الا مايرضي الله .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الاثنين 12 مايو 2025 .