
لان السودان كان تحت حكم المستعمر البريطاني عند تكوين أولى خلايا التنظيم الشيوعي في سنة 1913 ، و ما قامت الشيوعية الا لهدم الراسمالية الغربية التي ترعاها بريطانيا ، لذلك كان التوجس و الحذر سيدا الموقف .
حتى العام 1917 لم ينتبه قلم مخابرات المستعمر البريطاني لوجود خلايا شيوعية ، لكن ما ان قامت الثورة البلشفية في بطرسبيرج بقيادة لينين حتى تنبهت سلطات المستعمر إلى أهمية البحث عن خلايا شيوعية مفترضة في السودان .
المنشورات المعادية لبريطانيا و الراسمالية الغربية التي و زعتها خلايا شيوعية سودانية على الحجاج في ميناء جدة 1919 مثلت قرينة على وجود خلايا ونشاط شيوعي .
قيام مدرسة الكادر الشيوعي السري في حي الموردة التي درست النظرية الماركسية و مبادئ النشاط الأمني .
و من رحمها ولد اول جهاز أمني شيوعي في السودان ، اهتم بالتحري عن الأعضاء الجدد و تامين الدور و القيادات و الوثائق و المستندات و الارشيف .
قيام جمعية الاتحاد ثم اللواء الأبيض على نسق التنظيمات الشيوعية واسعة الانتشار الافقي و التقسيم الحلقي العازل فضلا عن السرية أكد لقلم المخابرات ضلوع تنظيم شيوعي سري في هذا النشاط .
لم يجد قلم المخابرات افضل من زرع شيوعي في جمعية اللواء الأبيض لمعرفة أسرارها فاختار على ود حاجي من سكان الخرطوم شرق ( حي بري ) ، وهذا يدل على تمكن قلم المخابرات من احداث اختراق في بعض خلايا التنظيم الشيوعي و تجنيد بعض افراده .
نجح ود حاجي في اختراق قيادة الجمعية فتم اعتقال بعضهم و ترحيلهم إلى سجن الرجاف في الجنوب .
بعدها تفرع الجهاز في نشاطاته فأصبح يراقب ويرصد النشط الاقتصادي ممثلا في الزراعة والرعي و التجارة و الصادر و الوارد و الموازنة العامة ، و هذا يجوز للتنظيمات الحزبية اما الجهاز الرسمي للدولة فلا يجوز له ذلك لانه من مهام الشرطة .
اهتم جهاز الامن الشيوعي بالوجود الأجنبي الرسمي والشعبي ( الجاليات و الكنائس و الاديرة ) خاصة الغربي المناصر للمستعمر .
شرع الجهاز في اختراق مؤسسات الدولة الخدمية و منها السكة الحديد و هيئة الموانئ البحرية و النقل النهري و التعليم و اتحادي المزارعين و الرعاة ، إضافة لرصد وومراقبة نشاط قلم المخابرات المستهدف للتنظيم الشيوعي ، فضلا عن الاحزاب والتنظيمات السياسية .
فشل جهاز الامن الشيوعي في كشف حقيقة ثورة يوليو المصرية وارتباطها بواشنطون فاندفع قادة الحزب لمناصرتها وعارضوا فكرة استقلال السودان عن مصر .
قبل الاستقلال جنح جهاز الامن الشيوعي إلى العنف تجاه الأجهزة الأمنية التي ترصد نشاطه و تبعثر اوكاره ، و من ذلك إصابة نائب مدير الأمن الممسك بالملف الشيوعي ابراهيم حسن خليل بقضيب حديد في مقدمة راسه و هو يهم بالخروج ليلا من مناسبة اجتماعية مما استدعى نقله إلى المشفى بينما فر الجاني .
في قفزة نوعية قام احمد خالد أحمد، ابن اول من جند للتنظيم و اتخذ من بيته مدرسة للكادر السري ، قام بتكوين اول جمعية في السودان لصداقة الشعوب ، مستقلا وضعه الوظيفي فهو ضابط في حرس الصيد و مدير حدائق الحيوان ، فأخذ في تنظيم رحلات ترفيهية للقناصل و اسرهم و نظم لهم اجتماعات دورية ، وهذا صيد استخباري ثمين .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الأحد 22 يونيو 2025 .