
عشرات الساسة حكموا السودان او شاركوا في حكمه لم يسلط عليهم الضوء بما يسبر اغوارهم من حيث النشاة والتطور وتقلبات الحياة .
الرشيد الطاهر بكر من الشخصيات التي جهلها أقرب الناس اليها .
هو من مواليد مدينة القضارف في سنة 1932حيث درس فيها الكتاب او الأولية ثم انتقل لدراسة المرحلة المتوسطة إلى مدرسة الأحفاد بأم درمان ، ارجح ان المعلم وقتها عوض عبد الرازق قد جند الرشيد للحزب الشيوعي كادرا سريا ، وكان عوض يدرس اللغة الانجليزية ولم يفطن الى انها لغة بريطانيا عدوة الشيوعية وانه بتدريسه لغتها انما يساعد على نشر ثقافتها .
بعدها انتقل الرشيد إلى حنتوب الثانوية ، فجامعة الخرطوم كلية الحقوق 1954 إلى 1958واصبح رئيسا لاتحاد طلاب الجامعة .
حدثني والدي عن انه عندما كان موظفا حديثا في البوستة نقل إلى القضارف وكان يلتقي الرشيد في اجازاته الجامعية فوصفه بالمثقف واسع الاطلاع وانه مهذب ولم يفصح له عن انتمائه السياسي، لكنه قطعا ليس من الاسلاميين ، وهذا يشير الى أنه من الكوادر الشيوعية السرية .
اثناء دراسته الجامعية عين الرشيد مراقبا عاما لتنظيم الإخوان المسلمون في السودان !! .
هل ياترى قام اللواء / بابكر الديب مدير الأمن وقتها الممسك بملف الجماعة ، بتحريات عن عضوية الاخوان وسبر اغوار عضويتهم وفضح من ليسوا منهم لاضعاف الجماعة أمنيا ام انه اكتفى بظاهر الأمر ؟ . وهل تحرى المرشد العام للاخوان المسلمون في مصر ولعله كان الهضيبي عن السيرة الذاتية للرشيد الطاهر قبل المصادقة على تعيينه مراقبا للجماعة في السودان ؟. كان الرشيد مراقبا للاخوان في الفترة من
1954 إلى 1959 ، وقد شارك الرشيد في محاولة انقلابية دبرها الحزب الشيوعي سنة 1959وحكم عليه بالسجن 7 سنوات قضى منها خمس وافرج عنه .
يذكر ان التنظيم الشيوعي زرع ثلاثة من كوادره السرية في أولى خلايا الاخوان المسلمون سنة 1949 / 1950 منهم يس عمر الإمام وناصر السيد وبابكر كرار والأخير دفعة الرشيد الطاهر .
في العام 1964 انتخب الترابي مسؤولا عن تنظيم الإخوان ولما خرج الرشيد من السجن لم يرضه ذلك فانضم للحزب الاتحادي الديموقراطي وهذا يفسر بأنه اختراق شيوعي جديد وفقا لمنهج استاذه عوض عبد الرازق مسؤول التنظيم الشيوعي السابق .
وظلت علاقة الرشيد بعوض عبد الرازق
حميمة جدا .
بعد الاضطهاد والعزل المجتمعي الذي مارسته مجموعة عبد الخالق محجوب على عوض عبد الرازق ،غادر الي لينين غراد ومكث فيها عدة سنوات ليؤكد التزامه بالشيوعية .
في العام 1972 عين الرئيس نميري ، الرشيد الطاهر سفيرا للسودان لدى ليبيا .
ثم اختاره رئيسا للوزراء فاتصل الرشيد باستاذه وصديقه عوض عبد الرازق وطلب منه العودة إلى الخرطوم والمشاركة في الحكومة ، عاد عوض فعين في وزارة الأشغال مع الوزير مصطفى جيش ، ووزارة الأشغال هي نسخة مطورة من مصلحة الأشغال التي اسس فيها أول تنظيم شيوعي في السودان سنة 1913 واضحت وكرا للشيوعية .
ثم عينه امينا عاما لمجلس الوزراء حينها كان الرشيد نائبا لرئيس الجمهورية رئيسا للوزراء.
وفي إحدى جولاته بالمديرية الشمالية زار الرشيد قرية الجابرية مسقط راس عوض عبد الرازق وصادق على بناء مدرستين للمرحلة المتوسطة بنين وبنات عرفتا بمدرستي الرشيد .
من اخفاقات د. ترابي انه لم يوجه بإجراء تحريات دقيقة عن عضوية تنظيم الاخوان لكشف المندسين والخلايا المنومة التابعة لجهات داخلية وخارجية ، ذلك قبل الشروع في استلام السلطة في 30 يونيو 1989 ، مما جعل الإنقاذ اثرا بعد عين .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الاثنين 16 يونيو 2025 .