
في المقال السابق أشرت إلى جاسوسة شيوعية تمكنت من اختراق مكتب جو ازات الشرطة بوزارة الخارجية ، وهو مختص باستخراج الوثائق الثبوتية وإصدار تاشيرات السفر لقادة البلاد والاجهزة الأمنية.
يتساءل البعض ماذا يستفيد الحزب الشيوعي من هذه المعلومات .
للإجابة على هذا التساؤل أشير إلى أن الحزب الشيوعي السودان وبقية الأحزاب الشيوعية في العالم ظلت معتمدة على خزانة الاتحاد السوفيتي في توفير ما يكفيها من أموال للصرف على مختلف النشاطات ،فضلا عن مبالغ بسيطة متحصلة من اشتراكات العضوية شهريا كون العضوية محدودة العدد ، وكانت معظم أموال الحزب قد استولى عليها مسؤول رفيع في أمن الحزب مطلع سبعينيات القرن الماضي وحولها لمصلحته الشخصية ، وهذه الحادثة تعد من تداعيات تفييب قادة الحزب موتا .
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي سنة 1989 فطمت موسكو الاحزاب الشيوعية من الرضاعة المالية .
ورثت المخابرات الأمريكية والدول الغربية والاتحاد الأوربي معظم الاحزاب الشيوعية في العالم وسخرتها لخدمة أغراضها مقابل المال .
دون شك فإن التوجيه باختراق مكتب جوازات الخارجية صدر من جهاز أمني غربي كواحد من تكليفات كثر .
عند رفع المعلومات الى الجهة الغربية التي طلبتها تعمل على توجيه شبكاتها من العملاء والجواسيس في الدولة المعينة على اقتفاء اثر المسؤول فلان عند زيارته والتعرف على الاهداف الظاهرة والخفية للزيارة وما اتفق عليه .
تقوم الجهة الغربية بالضغط على قائد الدولة لافشال ما اتفق عليه فيصبح نشاط السودان وماجناه من ربح هباء منثورا .
في العام 1993 سافر وفد امتي سوداني إلى دولة معينة والتقى قادة جهازها وابرم معهم اتفاقا أمنيا ممتازا .
بعد أقل من أسبوع من عودة الوفد إلى الخرطوم ، ارسل ذلك الجهاز المطلوب دوليا كارلوس إلى الخرطوم !! بما يشير الى أن قيادة تلك الدولة قد تعرضت لضغط غربي هائل لإلغاء الإتفاق بين الجهازين عمليا وزرع الشك بينهما .
اذا من أجل المال عملت قيادة الحزب الشيوعي على بيع الوطن ، واستمرت فيما هي عليه إلى أن اوصلتنا الى ما وصلنا اليه .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الأربعاء 18 يونيو 2025 .