مقالات

عثمان ميرغني يكتب:زيارة كامل إلى السعودية

 

 

ثم جاءت المفاجأة التي لم يكن الوفد السوداني مستعدًا لها.
سأل الوزير السعودي عن قانون الاستثمار في السودان. روى أحد أعضاء الوفد كيف صُدموا تمامًا عندما تذكروا أن السودان لا يملك قانونًا للاستثمار

بعد إعلان تشكيل حكومة الدكتور عبد الله حمدوك الثانية في فبراير 2021، تولت القوى السياسية إدارة الحكومة بديلاً لما يُطلق عليهم “التكنوقراط”، بحماس كبير لتحقيق هدف مبكر يؤكد أحقيتها بقيادة البلاد. وانعقد مجلس الوزراء في “معسكر مغلق” بمباني أكاديمية الدراسات الأمنية والاستراتيجية بضاحية سوبا، تمامًا كما يفعل المنتخب الوطني قبل مبارياته المهمة.

ثم أعلنت الحكومة عن زيارة وُصفت بـ”التاريخية” إلى المملكة العربية السعودية بهدف جلب الاستثمارات، بقيادة الدكتور عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء. ضم الوفد وزراء رئاسة مجلس الوزراء، والخارجية، والمالية، والزراعة والغابات، والاستثمار والتعاون الدولي، إلى جانب مدير جهاز المخابرات العامة ومحافظ بنك السودان.
واشتعلت عناوين الصحف ووسائل الإعلام بالتفاؤل بشأن العائد الاقتصادي التاريخي المتوقع من هذه الزيارة. وفقًا للبرنامج، التقى الوفد في اليوم الأول بوزير الزراعة السعودي. بالتأكيد، كانت هذه نقطة البداية الصحيحة لدولة مثل السودان، التي تمتلك موارد طبيعية وأراضٍ ومياه تجعلها محط أنظار العالم لإقامة شراكات منتجة.

بعد الترحيب والكلمات الودية المتوقعة في مثل هذه الزيارات، قدّم الوفد السوداني كلمة أوضح فيها طموحاته لإقامة شراكات زراعية كبرى مع المملكة الشقيقة. وأكد الوزير السعودي حرص بلاده على التعاون مع السودان وحماس المستثمرين السعوديين للانخراط في مشروعات بالسودان. ثم جاءت المفاجأة التي لم يكن الوفد السوداني مستعدًا لها.

سأل الوزير السعودي عن قانون الاستثمار في السودان. روى أحد أعضاء الوفد كيف صُدموا تمامًا عندما تذكروا أن السودان لا يملك قانونًا للاستثمار. بعد الثورة، أُلغيت القوانين السابقة، بما فيها قانون الاستثمار، وانشغلت قوى الحرية والتغيير – الحزب الحاكم – بتعديل قوانين مثل قانون الأحوال الشخصية وغيرها، ولم تنتبه إلى ضرورة سن قانون للاستثمار.
قال عضو الوفد: “لم يكن ممكنًا الكذب على الوزير السعودي بزعم وجود قانون للاستثمار. كان واضحًا أنه لم يسأل عن جهل بالوضع، بل لأنه يملك المعلومة وأراد، بدبلوماسية، لفت انتباه الوفد إلى أن البحث عن الاستثمار الأجنبي يبدأ بسن قانون للاستثمار.”
كان حال الوفد السوداني الكبير في هذه الزيارة التاريخية أشبه بطالب دخل قاعة الامتحان، ثم اكتشف أنه لم يذاكر المادة.

رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس يبدأ اليوم زيارة مصحوبا بوفد وزاري إلى المملكة العربية السعودية للغرض ذاته الذي سافر من أجله وفد حمدوك. يتكون الوفد من وزراء المالية، والإعلام، الثروة الحيوانيّة والسمكية .

يسافر الوفد قبل أن تعقد الحكومة اجتماعها الأول – بعد الاجتماع التشريفي بالخرطوم – وقبل مناقشة برنامجها الذي يُفترض أن تكون قد أكملت مراحل إعداده، من الوزارات إلى القطاعات، ثم إلى مجلس الوزراء، ليُجاز بصورة متكاملة كخطة للحكومة.
خلال حوالي أربعة أشهر منذ تكليف رئيس الوزراء، لم يعقد كامل إدريس مؤتمرًا صحفيًا واحدًا ليطرح رؤيته وبرنامجه أمام السلطة الرابعة – لسان حال الشعب – ويجيب على أسئلة الصحفيين.
يصبح السؤال الجوهري: ماذا يريد رئيس الوزراء أن يقول للمملكة العربية السعودية؟ ما هي المشروعات التي درستها الحكومة السودانية وتُصلح للطرح على الجانب السعودي؟ هل أكمل الوزراء في حكومة كامل إدريس دراسة مشروعاتهم مع الفنيين والخبراء في وزاراتهم، وحددوا بوضوح متطلبات الشراكة أو التعاون المطلوب طرحه على الجانب السعودي؟

 

النصر نيوز

المدير العام ورئيس التحرير:     ام النصر محمد حسب الرسول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى