اللجوء: المهدد الأمني الراهن بالسودان
عرف السودان اللجوء المنظم تحت رعاية المجتمع الدولي فى النصف الاول من الستينات إبان أحداث الكنغو الشهيرة بعد الأحداث التى اعقبت إغتيال باتريس لومببا وكنتيجة لموقع السودان الجغرافي ولجواره لدول فقيره ومضطربة توالت عليه هجرات اللجوء بعد ذلك من كل دول الجوار بلا أستثناء يوغندا، أثيوبيا، إريتريا، أفريقيا الوسطى، تشاد، فى السنوات الاخيرة كانت هنالك طلبات لجوء من مصريين وليبيين، ثم بعد ذلك توالت هجرات السوريين واليمنيين بعد ثورات الربيع العربي.
حدث كل ذلك والسودان يعيش في ظروف غير ظروفنا الراهنة التى نتجت عن الحرب التى ما تزال مستعرة.
بالضرورة وعلى ضوء المعلومات الموثقة عن دور بعض اللاجئين فى هذه الحرب يجب إعادة صياغة سياسه جديدة عن وضع اللاجئين بالسودان تبتعد فيها الدولة عن حالة التراخى واللامبالاة التى كانت سائدة طيلة العقود الماضية ليس داخل معتمدية اللاجئين فحسب ولكن حتى داخل جهاز الشرطه و التى هى معنيه بنفس القدر بهذا الملف.
لرسم هذه السياسه لابد من تثبيث امر مهم وهو أن توقيع الدول على المواثيق الدولية بما في ذلك ميثاق جنيف للاجئين لايمنعها ، اى هذا التوقيع، من إتخاذ ما تراه مناسبا لحماية أمنها القومي وتوجد مادة محددة فى ميثاق اللاجئين تنص على ذلك، يجدر ذكره هنا أن أحد الدول الأفريقية المجاورة لنا تتبع إدارة شؤون اللجوء بها لجهاز المخابرات ولعلها عملت بمقولة الخبير الدولى المرحوم احمد كرادوى وهى ( أن وجود اللاجئين فى أفريقيا سيظل قضية أمنية قبل أن يكون قضية إنسانية.)
لمعالجة الوضع الراهن والناتج عن تداعيات الحرب يجب التركيز على ثلاثة نقاط مهمة للغاية:
أولا: التسجيل الإلكتروني للاجئين لدى السجل المدني ومنحهم الرقم الأجنبي وهذا يتيح توثيق اللاجئين بالبصمه والصورة ويمكن أجهزة الأمن من جمع كل المعلومات المطلوبة عن اللاجئين بالسودان واذا كان الشعب السوداني هو صاحب الشأن فى هذه البلاد لابد له أن يعرف ان سلطات الشرطة فى السودان لا تقوم بتسجيل الأجانب ولا تعرف حتى اعدادهم رغم أن قانون السجل المدني اجيز منذ ٢٠١١م، معلوم أن قانون السجل المدني ينص على إصدار رقم أجنبى للاجانب وهنالك أدارة عامة لشؤون الأجانب تقع فى السوق الشعبي الخرطوم ظلت و لسنوات طويلة همها الاول تسويات رسوم الاقامه للأجانب العاملين بالشركات وملاحقة ستات الشاى ، محزن جدا أن يضيع الهم القومى فى سبيل هذه التفاهات .
التسجيل الذى تقوم به معتمدية اللاجئين لايخدم الامن القومى فى شيء حيث أن قاعدة البيانات ما تزال تدار بواسطة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وهى جهة أجنبية وتعلم هذه الجهة الأجنبية تمام العلم أن هذا الامر مخالف حتى لنظامها الأساسي والذى ينص على أن تسجيل اللاجئين واداره قاعدة البيانات الخاصة بهم تقوم به الدولة المضيفه وتساعد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالدعم المالى والفنى.
ثانيا: من المعالجات العاجلة المطلوبة والتى لا تحتمل التأخير هى النظر في الوضع في معتمدية اللاجئين ، رغم أن إدارة اللاجئين إدارة حكومية تتبع لوزارة سيادية وهى وزارة الداخلية وينطبق عليها قانون الخدمة المدنية، فهي الإدارة المدنية الوحيدة فى وزارة الداخلية، رغم ذلك وضع معتمد اللاجئين الحالى لائحة الخدمة المدنية جانبا وصار يدير المعتمدية برؤاه الخاصة والخاصة جدا ، من يصدق انه فى ظروف السودان الراهنة هنالك عشرات من قدامي العاملين بالمعتمدية تجاوزت خدمتهم عدة عقود فى هذه المعتمدية، من يصدق أن هؤلاء تركوا بدون أعباء واتى المعتمد ببعض ( الإيفاع ) ليسلمهم امر إدارة اللجوء فى السودان؟؟
من يصدق أن هنالك مكتب من مكاتب المعتمدية يشرف على نصف مليون لاجىء يديره شخص لا تتجاوز خبرته بالمعتمدية بضع سنوات وليس لديه وظيفة في هيكل المعتمدية المجاز من مجلس الوزراء !!!
أين ذهب الحياء والخوف من الديان الذي لا تخفي عليه خافية. ؟
ما الذي يمنع السيد وزير الداخلية من لفت نظر معتمد اللاجئين للالتزام بلائحة الخدمة المدنية؟؟
بل ما الذي يمنع السيد وزير العمل و مدير ديوان شؤون الخدمة من التدخل في هذا الوضع الشائة؟؟
بل ما الذي يمنع المتضررون أنفسهم من اللجوء للقضاء الادارى لإنصافهم؟ أى عار وأى شنار هذا ؟؟؟
إذا كان هنالك فى أجهزة الدولة من يهمه أمر هذه البلاد وفى هذا الظرف العصيب فليسأل( والبسال ما بتوه ) عن أسماء محدده من موظفى المعتمدية أسالوا عن أسمائهم وتأهيلهم وتأريخهم فى هذه الإدارة واسالوا أيضا أين هم الان ولماذا ؟؟
ما يجري في المعتمدية الان غير طبيعي ومريب ومضر بالبلاد ويبقى كشف المستور من مسؤولية أجهزة الرقابة بالدولة أن كان هنالك من يكترث !؟.
ثالثا: على ضوء نتائج هذه الحرب لابد للسودان على المدى الطويل من وضع سياسه واضحة المعالم لقضايا الهجرة بالبلاد وهنالك كثير من التجارب العالمية التى يمكن الاستفادة منها فى هذا المجال فهذه الحرب قد كشفت المستور في كثير من النواحي وليس فى مجال اللاجئين فحسب.