استمرت في استهداف البنيات التحتية بشرق السودان،، المُسيَّرات،، حربٌ جديـدة تخوضها الإمـارات..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو.

تعاطف إقليمي ودولي، واصطفاف جماهيري خلف قيادة الدولة..
دعوة إلى تفعيل اتفاقيات إنشاء قواعد عسكرية على البحر الأحمر..
أبو قردة يقترح خطة طوارئ وطنية لمواجهة العدوان الإماراتي..
كشفت استراتيجية المُسيَّرات التي ظلت تضرب جسد مدينة بورتسودان بقوة مستهدفةً مواقع حيوية وبنيات تحتية، أنها أكبر من قدرات وإمكانيات ميليشيا الدعم السريع التي أثبتت خلال عامين ونيف من الحرب، أنها ليست سوى مجموعة من ” الشفشافة” المدعومة والمسنودة “إماراتياً” من أجل تمزيق السودان وتفتيت وحدته، وتدمير بنياته التحتية لصالح قوى إقليمية ودولية تستهدف ثروات وموارد السودان، ولما فشل ” شفشافة ” الدعم السريع في تنفيذ المهمة بتكبدهم خسائر ساحقة ومتلاحقة كان آخرها الضربة الموجعة التي تلقوها في مطار نيالا، رأى ” عيال زايد” أن ما كان يحدث منذ الخامس عشر من أبريل 2023م ليس سوى ضياع للأموال والآمال، فآثروا أن ينبروا للمهمة بأنفسهم مستغلين نفوذهم ووجودهم العسكري في قاعدة بوصاصو الإماراتية في دولة “صوماليلاند” (المنطقة المنشقة عن الصومال)، ليشنوا حربهم العدوانية، بمسيراتهم الاستراتيجية، تدميراً لبنية السودان التحتية، وخنقاً لرقبة الاقتصاد ومعاش الناس، أملاً في إعمال ضغوط على الحكومة السودانية لتركع وتنصاع لشروط النظام الإماراتي، المسنود بحليفتها إسرائيل، وربيبتها الولايات المتحدة الأمريكية.
استفزاز وسخرية:
وجرياً على منطوق المثل الشعبي ” تقتل القتيل وتمشي في جنازتو”، أدانت الإمارات وبشدة ” هجماتها ” على شرق السودان سواءً في كسلا أو بورتسودان، معتبرةً استهداف المرافق المدنية الحيوية والبنى التحتية في مدينتي كسلا وبورتسودان انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي، البيان الإماراتي “المستفز” قوبل بسُخرية لاذعة من المعارضة الإماراتية على لسان جماعة التغيير التي قالت إنها تابعت بضحك ” مكتوم” حفاظاً على مشاعر الضحايا، البيان الذي أصدره نظام محمد بن زايد، والذي يدّعي فيه “إدانة” استهداف المرافق الحيوية في بورتسودان وكسلا، وأبدت جماعة التغيير المعارضة للنظام الإماراتي استغرابها من صدور مثل هذا البيان من نفس النظام الذي يسلّح ميليشيا الدعم السريع، ويشحن لهم الطائرات المُسيّرة، واصفةً البيان بمحاولة من محمد بن زايد لذرف دموع التماسيح على استهداف ميليشياته في السودان لمحطات الكهرباء والمرافق العامة، وتسألت الجماعة المعارضة: على من تضحك يا محمد بن زايد؟ أنتَ من أطلق يد حميدتي في الخراب!، وأنتَ من وزّع الخرائط والأهداف!، والآن تمثّل دور المتفاجئ؟ هل أصابتك قذيفة من ضميرك؟، أم فقط خفت أن ينكشف المستور في مجلس الأمن؟ وأكدت جماعة التغيير الإماراتي المعارضة أن بيان النظام الإماراتي لا يمثل إدانة، وإنما شهادة على تورط محمد بن زايد، وزادت: “أنت لا تدين الهجمات، بل تحاول غسل يديك منها بعد أن اتسخت بالأدلة والصور والتسجيلات، أن ادعاء البراءة من جرائمك في السودان، يشبه أن اللص عندما يخرج ليقول إنه ضد السرقة، فقط لأن شكل الغنيمة لم يعجبه، مبينةً أن نظام محمد بن زايد لا يوزع الإدانة، بل يوزع الطائرات والمال والسماسرة والدمار، وأن الحكومة السودانية تعرف من استهدف المرافق، تماماً كما تعرف من سلّح من، ومتى، وكيف؟
تعاطف واسع:
وبعيداً عن البيان الإماراتي المستفز، فقد لقي السودان تعاطفاً دولياً وإقليمياً واسعاً جراء الاستهداف الإماراتي لبنياته التحتية في شرق السودان سواءً في كسلا أو بورتسودان، وقد حصد بيانٌ منسوب للناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الموالية لأنصار الله الحوثيين، العميد يحيى سريع، ألاف الإعجابات على منصة فيسبوك لما احتواه من قوة وتهديد مباشر لدولة الإمارات، حيث قال البيان إنه تم تحديد 10 مناطق داخل الإمارات، وإن الحوثيين على أهبة الاستعداد لضربها إن لم تتوقف الإمارات عن دعم عدوانها على اليمن والسودان، وتوقف دعمها لمليشيات الدعم السريع وتفكك منظوماتها الدفاعية ومعسكراتها ومستشفياتها الميدانية في سوقطرة، وبونتلاند الصومال، وتشاد، وأفريقيا الوسطى، ودولة جنوب السودان عاجلا غير آجل، وأرسل البيان إنذاراً شديد اللهجة لحكام الإمارات وزاد: ” قد أعذر من أنذر”، داعياً حكام الإمارات إلى تحمل المسؤولية كاملة عما سيحدث لهم من دمار وخراب، وشلِّ لكل الخدمات والمرافق الحيوية بما فيها قصور شيوخ الفتنة والعدوان، مبيناً أن هجوم الحوثيين لن يكون هذه المرة كسابقاتها وإنما سيشمل كل البنيات التحتية من حقول النفط والمستشفيات، والقصور الأميرية، ومرافق المياه، والكهرباء، وأن قوات الحوثي ستضرب بكل قوة، وتدمر تدميراً كاملاً وشاملاً تستحيل معه الحياة .
إحباط ولكن:
ورغم حالة الإحباط وخيبة الأمل التي تلبَّست جموع الشعب السوداني منذ استهداف المُسيّرات الاستراتيجية شرق السودان، إلا أن الإحباط سرعان ما تحوّل إلى حالة من الارتياح جراء قرار قطع السودان علاقاته الدبلوماسية مع الإمارات، واحتفاظه بحق الرد على العدوان الغاشم بكافة السبل للحفاظ على سيادة السودان ووحدة أراضيه، ويرى الكثير من المراقبين أن المرحلة المقبلة تتطلب تحركاً دبلوماسياً وسياسياً وأمنياً يستهدف الفضاءات الخارجية من خلال التزام استراتيجيات جديدة تعمل على تمليك الرأي العام العالمي أبعاد عدوان الإمارات على السودان، وتقديم أدلة وأسانيد جديدة تضاف إلى الأدلة التي قدمتها الحكومة السودانية في بلاط محكمة لاهاي التي كانت بمثابة منبر دولي انكشفت فيه عورة الإمارات، وتكشَّفت للجميع ملامح انتهاكاتها الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها في دارفور، وصالحة، والسريحة وود النورة وغيرها، وبجانب فضح المخطط الإماراتي ينبغي وبحسب مراقبين أن يمضي السودان قدماً في تنسيق جهوده ومواقفه مع المؤسسات والمنظمات الدولية والإقليمية، والدول الصديقة والشقيقة، لتعزيز التفاهمات وتوافق الرؤى والأفكار، وتفعيل اتفاقيات التعاون المشترك في المجالات الأمنية والعسكرية بما في ذلك إنشاء قواعد عسكرية على البحر الأحمر، ومناطق حُرَّة في الموانئ البحرية.
خطة طوارئ وطنية:
وطرح دكتور بحر إدريس أبو قردة رئيس تحالف سودان العدالة ” تسع”، خطة طوارئ وطنية لمواجهة العدوان الإماراتي، استعرض فيها أهم الخطوات التي وصفها بالعاجلة لإفشال المخطط الإماراتي وفي مقدمها خروج رئيس مجلس السيادة لمخاطبة الشعب وتمليكه الحقائق كاملة حول العدوان والتآمر، وإعلان التعبئة العامة والاستنفار في كافة أرجاء البلاد، وتكوين خلية قومية لإدارة الأزمة تظل في حالة انعقاد دائم، إلى جانب فروع لها في كل الولايات، بالإضافة إلى خلية موازية تشمل السودانيين في المهجر لتعبئتهم تمهيداً لتحرك قوي ومستمر وصولًا إلى إدانة الإمارات وفضح الدول الداعمة لها، وعلى رأسها بريطانيا، وتشمل خطة الطوارئ الوطنية إطلاق حملة تبرعات وطنية يشارك فيها السودانيون القادرون في الداخل والخارج، دعماً للمجهود الحربي ومواجهة التحديات الراهنة، وإيفاد وفود رفيعة المستوى إلى الدول الصديقة والشقيقة، محمّلة برسائل تفضح التآمر الإماراتي، وتطلب المساندة والتعاون إقليمياً ودولياً، وطالبت الخطة القوى الوطنية السياسية والمجتمعية المساندة لمؤسسات الدولة عقد اجتماعات طارئة، داخل السودان وخارجه، لإسناد خطة الطوارئ الوطنية في كافة المجالات.
خاتمة مهمة:
على كُلٍّ، وبقدر ما أُحبط الكثير من السودانيين، وكرهوا العدوان الإماراتي المستمر على شرق السودان في كسلا وبورتسودان، بقدر ما ارتاحوا لشكل التعاطف والتضامن الإقليمي والدولي، وحالة الالتفاف والتماسك التي اكتنفت الشارع السوداني صموداً ودعماً وإسناداً لقيادة الدولة، واصطفافاً خلف قواتها المسلحة من أجل التصدي والقصاص للعدوان الإماراتي الغاشم، فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً.