اوجلان تغيير جذري في المعتقد والمواقف .قصة نضال تروى للأجيال ، خطى مشاها كتبت عليه
د.طارق محمد عمر

ولد عبد الله اوجلان في اسرة كردية في العام 1948 بقرية عمرلي جنوب شرق تركيا بالقرب من الحدود السورية و لقب ب ( آبو ) .
اوجلان في اللغتين الكردية و التركية تعني المنتقم او من ينوي الانتقام ،و ( آبو) لقب و هو اسم لطائر من فصيلة الغربان السمر منتفشة الريش .
في العام 1974 تأمل في حال اهله الكرد و ما يعانونه من عدم اعتراف بالهوية و الثقافة و منعهم من التحدث بالكردية ، سلك سبيل النضال لاسترداد حقوق الكرد فاعتنق الفكر الشيوعي الاشتراكي لاعتقاده انه السبيل الوحيد للتخلص من هيمنة الغرب الراسمالي .
و في سنة 1978 أعلن عن تكوين حزب العمال الكردستاني متبنيا النهج الشيوعي اللينيني و مدافعا عن القومية الكردية ، مناديا بقيام دولة كردستان المستقلة و تطبيق الشيوعيةاللينينية سياسة و الاشتراكية اقتصادا .
و تحسبا لردة الفعل التركية كون خلايا لقوات قتالية تعرف اختصارا ب البي كي كي PKK .
و جد اوجلان وحزبه تعاطفا و دعما من الرئيس السوري/ حافظ الاسد لان تركيا رفضت إعادة إقليم لواء اسكندرونةالى سوريا الذي اقتطعه المستعمر الفرنسي من السيادة السورية لصالح تركيا أرضا و مواطنين .
خصص الاسد مقارا لمكاتب و سكن قادة الحزب في دمشق و دعمهم بالمال و السلاح والمعلومات و المتحركات و التدريب .
مع تنامي الضغط التركي على سوريا وجه الاسد عبد الله اوجلان و مقاتليه بالانتقال إلى وادي البقاع بلبنان حيث معسكرات تدريب القوات الفلسطينية خاصة الاشتراكية منها ، مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
خاض البي كي كي حربا ضروسا ضد الجيش الاسرائيلي ذلك عند اجتياحه الأراضي اللبنانية سنة 1982، و في سنة 1984 شن حزب العمال الكردستاني اول هجوم مسلح في عمق الأراضي التركية فخلف قتيلا من الجيش و7 جرحى مثلما جرح عددا من المدنيين، ثم اردفه بهجوم على مركز للشرطة بعد يومين من ذلك الهجوم .
بعدها عاد اوجلان إلى دمشق في العام 1985 ليشرف على النشاط السياسي و المجتمعي لاعضاء حزبه البالغ عددهم وقتذاك نحو 5000 عنصر ، ومواصلة تخطيط الجهد العملياتي ضد تركيا .
إثر تزايد الضغط التركي على نظام الأسد غادر اوجلان إلى روسيا لفترة قصيرة حيث لم ترق له بعد تخليها عن الشيوعية و الاشتراكية فعاد إلى دمشق.
وإثر تنامي الملاحقات الأمنية و العسكرية و السياسية التركية و تواصل الضغط على الاسد ، غادر عبد الله اوجلان دمشق سرا في العام 1998 مننقلا بين عدد من الدول الأفريقية حتى حط رحاله في العاصمة الكينية نايروبي في فبراير من العام 1999 ، و لم يكن يدري ان تحركاته مرصودة من قبل المخابرات التركية و الامريكية و الاسرائيلية ، و بتنسيق مع المخابرات الكينية تم اعتقاله و تخديره بواسطة قوة تركية خاصة نقلته جوا إلى انقرة ، وحكم بالإعدام بعد ادانته بتهمتي الخيانة الوطنية و الانفصال ، ثم خفف الحكم إلى المؤبد ليقضي محكوميته في سجن جزيرة امرالي ببحر مرمرة ، و لم يفرج عنه حتى بعد انتهاء ال 20 سنة رغم التدخلات الدولية خاصة من الاتحاد الأوروبي.
قاد دولات بهشالي زعيم حزب الحركة القومية التركية جهودا للصلح بين اوردوغان و اوجلان كللت بالنجاح ، إذ أعلن عبد الله اوجلان خطيا حل حزب العمال الكردستاني مطالبا عناصره بالقاء السلاح ، معللا ذلك بانتهاء مرحلة الافكار الشيوعية و الاشتراكية على مستوى العالم مع تبني الحكومة التركية لنظام حكم ديمقراطي مستعدا لتعديل الدستور و الاعتراف بحقوق الاكراد و اشراكهم في مؤسسات الدولة ، وختم بأنه يتحمل كامل المسؤولية عن قراره .
ما ان تلي الخطاب باللغتين الكردية و التركية و ترجم للعربية و لغات أخر حتى ابتهج العالم و انهالت التهاني و التبريكات و التاييد خاصة من الاحزاب الكردية وفي مقدمتها الاتحاد الوطني والديموقراطي الكردستاني .
اكثر ما ميز مسيرة اوجلان انه لم ينكسر امام تهديد ووعيد المخابرات الغربية و لم يستجب لاغراتها ، لم يبع مبادئه للغرب بثمن بخس و لم يضع حزبه و مخابراته في خدمة الأجنبي ولم يشق اهله .
اتوقع ان يحذو حذوه محمد مختار الخطيب سكرتير عام الحزب الشيوعي السوداني ، فيحل الحزب وينقض باطل العهود ليتعافى السودان و يتفرغ شعبه للتنمية و العلا .
و ما ذلك على الله بعزيز .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الجمعة 28 فبراير 2025 .