مقالات

الطاهر ساتي يكتب: جنيف الأخرى ..(3)

:: لم تكن مباغتة فحسب، فالمباحثات السودانية الأمريكية بجنيف كانت ناجحة أيضاً.. وعندما لم تستوعب الحاضنة السياسية للجنجويد ما حدث، أطلقت فرية لقاء مستشار ترمب بزعيم الجنجويد و(صدقتها)، وهي فرية مضحكة مراد بها تخدير قطيعها بأن أمريكا تحاور (طرفي الحرب)، أو كما إجتهدوا في مساواة الشعب وجيشه بالقتلة والنهابين، ولم يفلحوا ..فالحاضنة تعلم موقف أمريكا من جنجويدها، و تعلم أن جنجويدها مجرد مخلب قط لمشيخة أبوظبي، وتعلم أن أمريكا لاتلتقي بالمخالب، وتعلم ما يعده الكونغرس لهذا المخلب، ومع ذلك تتمادى في تضليل القطيع..!!

:: المهم، عوامل مناخ الحوار السوداني الأمريكي.. وهو المناخ الذي يجب أن تستغله الحكومة لصالح معارك دبلوماسية مرتقبة، وهي لاتقل أهمية وخطورة عن المعارك العسكرية.. عوامل المناخ كثيرة، الانتصارات العسكرية التي أبادت القوة الصلبة للمليشيا بالخرطوم و الجزيرة و قزّمت ما تبقت في جغرافية مسماة بالحواضن ك (ملاذ آخير) .. ثم ثبات فرسان الفاشر و عجز آل دقلو عن الإيفاء لمشيخة أبوظبي بوعود إسقاطها أكثر من (228 مرة)، حتى أيقنن عُقلاء المجتمعات هناك بأن الفاشر محرقة يُساق إليها شبابهم، فيما آل دقلو و ذوي القربى و مرتزقة تأسيس يتنعمون ما بين دُبي و لندن ..!!

:: ثم خارطة الطريق التي قدمتها الحكومة السودانية للأمم المتحدة، من عوامل مناخ الحوار السوداني الأمريكي، و رحب بها الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، بذات حفاوة ترحيبهما بحكومة كامل إدريس.. وبالمناسبة، آخر موقف صدر عن المجتمع الدولي أصدره مجلس الأمن الدولي، بحيث رفض حكومة فيسبوك تسميها تسابيح خاطر – و راجلها – بالتأسيس، وكان قد سبقه في الرفض الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية و كل دولها، ما عدا مشيخة أبوظبي الراعية لديمقراطيىة الجنجويد ومدنية مرتزقة كولومبيا ..!!

:: وكثيرة هي العوامل التي خلقت مناخ هذا الحوار المباشر، ولتخرج منه بلادنا بنتائج إيجابية، فعلى الحكومة أن تكون مؤسسياً في اتخاذ القرار، مع توسيع قاعدة المشاركة فيه.. لقد أحسنت عملاً في أن يضم وفدها الأخير ممثلاً للخارجية وأجهزة أخرى، وكان الأفضل توسيعه بحيث يشمل شُركاء المرحلة، أي كل مكونات الحكومة.. فالجيش و الكفاءات المستقلة و قوى الكفاح المسلح هي أضلاع مثلث القرار بالدولة، أو هذا ما يجب أن يكون عليه الحال..ليس فقط من أجل المشاركة في صناعة القرار، بل ليتقاسموا مسؤوليته – وما يترتب عليه – أيضاً..!!

:: ثم القوى الوطنية التي تقاتل مع الجيش و القوات المعاونة في معركة الكرامة، يجب أن تكون جزء من الحكومة في المعارك السياسية والدبلوماسية القادمة، وذلك عبر آليات فاعلة تجريبها في مراحل سابقة، وبها نجحت هذه القوى في حماية ظهر الجيش – من عُملاء المرحلة – بالداخل والخارج .. ودائماً ما تسبق الحكومات مثل هذه المفاوضات المهمة بتوصيات تعدها ورش و مراكز دراسات و خبراء، ولكن في بلادنا فان مراكز الدرسات والورش – إن وُجدت – مجرد مشاريع إعاشة، لتجاهل الحكومات توصياتها ..!!

:: وصحيح يدعم الشعب البرهان كقائد للجيش، وهو دعم مطلق وبلاشروط، لحين تحرير كامل تراب البلد ..ولكن من وحي تجارب سالقة، فان هذا الشعب لم يثق في القيادة السياسية التي تعودت على فعل الشئ جهراً وضده سراً، وبهذا النهج قادت البلد من الثورة الى الفوضى ثم الحرب.. وإن كان البرهان يتمنى أن يذكره التاريخ قائداً انتصر في وجه أكبر مؤامرة دولية ضد السودان، فليستعد لمعركة السياسة والدبلوماسية المرتقبة بتقوية الجبهة الوطنية بكل مكونات الشعب، ما عداء عُملاء مشيخة أبوظبي ..!!

النصر نيوز

المدير العام ورئيس التحرير:     ام النصر محمد حسب الرسول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى