مقالات

الطاهر ساتي يكتب:الطابور الأول ..!!

:: لا جديد تحت شمس السودان، حتى الكوارث متجددة و ليست جديدة .. مثلاً، بعد أشهر من الخُطب و الوعود الزاهية، زار حمدوك السعودية، وإلتقى بالجالية السودانية، وعندما اتهموا حكومته بالضُعف والتقاعس، شكى قائلاً : ( قوى الحرية لم تسلمني برنامج المرحلة)..هكذا كانت شماعة حمدوك..!!

:: واليوم، بعد أشهر من الإستعراض اللغوي والحركي في المنابر، يزور كامل إدريس القاهرة، ويلتقي بالإعلاميين، فيسألوه عن أسباب التكلس المصاب به الجهاز التنفيذي، و سر الإرتباك و سُلحافئية الآداء ، فيشتكي قائلاً : (تغلغل الطابور الخامس داخل أجهزة الدولة يُعيق العمل)، هكذا شماعة كامل ..!!

:: تختلف شماعات المسؤولين، ولكن الفشل المٌعلّق عليها واحد..وصحيح يُوجد طابور خامس، ليس فقط في حكومة كامل، بل في كل أنظمة الدنيا والعالمين، ولكن عندما يصبح هذا الطابور الخامس قادراً على إعاقة عمل رئيس الوزراء شخصياً، فهنا لم يعد الطابور خامساً، بل أصبح حاكماً..!!

:: ومن نماذج إعاقة العمل، بتاريخ 16 يونيو، أعلن رئيس الوزراء و زارات حكومته، ومنها الثروة الحيوانية، و وصفها بالوزارة المسؤولة عن مورد إستراتيجي..و بالتأكيد وزارة بهذه الأهمية بحاجة إلى وزير مٌختار بمعايير دقيقة وفحص متقن، و طبعاً هذا ما حدث، أو فلفترض ذلك ..!!

:: وبعد شهر من اعلان الوزارات، أي بتاريخ 23 يوليو، أصدر رئيس الوزراء قراراً بتعيين أحمد التيجاني المنصوري وزيراً لتلك الوزارة المسؤولة عن المورد الإستراتيجي ..وحتماً تم إختيار أحمد المنصوري بمعايير دقيقة و بعد أن تعرض لفحص متقن طوال الخمسة أسابيع، أو فلفترض ذلك ..!!

:: وإستبشر الشعب خيراً بالاختيار الذي صادف أهله، وفرحت المواشي ورقصت الأسماك فوق الأمواج، وانتظر الجميع مقدم الوزير المسؤول عن المورد الإستراتيجي..انتظروه، أسبوعاً ثم شهراً و آخر، و لم يأت.. انتظروه، حتى ملّ الشعب و أُصيبت المواشي و الأسماك بالإكتئاب ..!!

::وفجأة، مساء الخميس الماضي، بعد أسابيع الانتظار، وعند لقاء الاعلاميين بالقاهرة، قرر رئيس الوزراء حسم الجدل المثار حول تعيينه لما أسموه بشخص يحمل الجنسية الإماراتية وزيراً للثروة الحيوانية، أي قرر حسم أمر الوزير المنتظر..كيف تم الحسم؟، قال بالنص : (سيتم تعيين بديل عنه)..!!

:: وتفاجأ المنصوري بقرار عزله..عينوه في بورتسودان وعزلوه في القاهرة، ليس بسبب تأخيره، بل لجنسيته الإماراتية..وخرج الرجل للاعلام نافياً حمله لأي جنسية – أوجواز سفر- غير السودانية، و أنه عندما سمع قرار عزله، كان متوجهاً إلى السعودية ثم بورتسودان، ليستلم عمله..وهكذا لن يعزلوه ..!!

:: وعليه، لو تابعت ما حدث، منذ ترشيح المنصوري – مروراً بالفحص والتدقيق والمعاينات والتعيين – وحتى ليلة العزل بالقاهرة، فلن تجد للطابور الخامس موطئ قدم في تفاصيل الحدث، لأن غرفة الحدث صغيرة جداً، وبالكاد تسع كامل و المستشارين، فمن فيهم الطابور الخامس..؟؟

:: هل من العقل تعيين وزير دون معرفة جنسيته وغيرها من شروط التعيين؟، وهل من العقل عزل وزير في لقاء اعلامي؟، وبمظان أنه إماراتي، ودون التأكد منه أو مصادر أخرى؟..وعليه، ليس في غرفة هذا الحدث أي طابور خامس، فالأزمة دائماً ما يكون في الطابور الأول عندما يحكم بلا رؤية ..!!

النصر نيوز

المدير العام ورئيس التحرير:     ام النصر محمد حسب الرسول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى