مقالات

عثمان ميرغني يكتب: حالة الدولة..

لمعرفة صحة الإنسان توفر المؤسسات الطبية العالمية مقاييس وأرقامًا محددة لوظائف أعضاء الجسم.. بقراءة تقرير المختبر يستطيع الطبيب تحديد الحالة العامة، وبناءً عليها يقرر ما يتطلبه الموقف من معالجة لما فيه الخلل، أو محافظة على ما فيه استقرار، أو تطوير لما هو قابل لمزيد من العافية.

كذلك صحة الدولة.. تحتاج لقراءة المقاييس والأرقام التي تقرر “حالة الدولة”، وبناءً عليها يعالج الخلل أو يعزز الوضع السليم.

هل لدينا في السودان مثل هذه المقاييس؟ وإن كانت موجودة هل تعمل الدولة وفقها وتعالج نفسها بنفسها عند الحاجة؟

الواقع يثبت غياب مثل هذه المقاييس العلمية والعملية، مما يجعل الدولة في مواجهة مستقبل مجهول، مثل قطار مندفع لا يعلم أحد أين محطاته ولا مسافاته.

لماذا لا نستحدث مقاييس خاصة بدولتنا السودانية لنجس بها نبض جسمها، ونتحسس صحتها وعافيتها، ونحاول أن نرتقي بها.

اقترح هذه المقاييس:

الأول: مقياس درجة التماسك.

درجة التماسك يقصد بها انسجام Coherence هياكل الدولة في مختلف المستويات حسب نظامها الإداري – ولايات أو أقاليم – وقدرة وسرعة التواصل الأفقي والرأسي. وحدة القياس هنا متعددة: قدرة الهياكل على أداء مهامها الوظيفية بصورة مستقلة تقاس بالنسبة المئوية، أما قدرة وسرعة التواصل؛ فتقاس بأرقام عشرية/الساعة.

الثاني: مقياس درجة السيطرة والتحكم.

ويقصد بها قدرة الدولة على رؤية تفاصيلها الداخلية (الحركة والسكون). وهو مقياس مركب أشبه بصورة تلتقطها الكاميرا الرقمية: جودة ووضوح الصورة تقاس بالبيكسل، ثم القدرة على التكبير والتصغير لرؤية أدق التفاصيل.

السيطرة والتحكم يقصد بها قدرة التدخل في تفاصيل الحركة والسكون في كل المساحة الجغرافية للدولة، وقدرة التعامل والسيطرة على الوقائع بالسرعة المناسبة.

ثالثًا: مقياس الحيوية والاستجابة.

الحيوية يقصد بها العمل الطبيعي لمؤسسات الدولة في مختلف مستوياتها وتفاصيلها.

والاستجابة يقصد بها القدرة على رد الفعل على مطلوبات مظاهر الحيوية، خاصة المرتبطة بإنذارات تتطلب التدخل العاجل. وتقاس كل نشاط بنسبة مئوية.

الرابع: مقياس نبض قلب الدولة.

الدولة الطبيعية مثل جسم الإنسان، تنمو مع الزمن في مختلف أجزاء جسمها بصورة متوازنة. إذا توقف النمو أو كان بطيئًا فإنه تدريجيًا يتخلف عن المواكبة والزمن، مما يهدد بقاء الدولة على المدى البعيد. المقاييس أقرب إلى تحسس نبض قلب الإنسان: عدد النبضات/الشهر.

كما يمكن زيادة هذه المقاييس حسب الخطة الاستراتيجية للدولة لقياس معدل التقدم أو التأخر في تنفيذها.

ولمزيد من ضبط “حالة الدولة” يمكن إصدار تقارير دورية حسب هذه المؤشرات تتاح للرأي العام.

 

‫ ‬

النصر نيوز

المدير العام ورئيس التحرير:     ام النصر محمد حسب الرسول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى