مقالات

العلاقات السودانية المصرية في التاريخ المعاصر والحديث .

د.طارق محمد عمر

حكمت الخديوية الالبانية السودان في الفترة من 1821 إلى 1885 بفكر وسند فرنسي ، حينها صار السودان ومصر دولة واحدة .
المصريون عملوا في التعليم العام والفني والزراعي على مستوى الكتاتيب .
التحقوا بورش لتصنيع وصيانة مواعين للنقل النهري .
عملوا في شق الطرق وتمهيدها وتركيب اعمدة واسلاك الهاتف والتلغراف مثلما عملوا في البريد ( البوستة ) .
انشاوا مشاريع زراعية على ضفتي النيل لإنتاج الحبوب والخضروات ونباتات صبغية .
شاركوا في استجلاب وتوزيع سلالات محسنة من ذكور الأبقار لاغراض التهجين .
توظفوا في دواوين الحكومة كتبة ومحاسبين .
شاركوا في الجيش والبوليس واجهزة الأمن .
بينما سافرت أفواج من الشباب السوداني إلى مصر والتحقت باورط عسكرية حماية للحدود المصرية الشمالية ، وقاتلت خارجها في الحجاز والشام حتى تخوم تركيا والقرم ومالطا ، واستعانت بها فرنسا في حروبها خارج القارة الاوروبية .
اول شركات لصادر المنتجات السودانية كانت في مصر اسسها شباب سوداني بتمويل وتشجيع من شركات مالية سودانية واجنبية ثم تطورت وافتتحت فروعا في أوروبا.
تصاهر المصريون مع أسر سودانية حيث تزوجوا من فتياتها ، ومن هنا جرى الدم المصري في عروق أبناء العاصمة والمدن .
الثورة المهدية عند فتحها مدينة الخرطوم في 26 يتاير 1885 اسرت ٥ الف مصري ورحلتهم إلى معسكر في ام درمان وكانت تسميهم اولاد الريف بينما اطلقت على من ولد بعد الثورة بالمواليد وخصصت لهم ناحية في حي الموردة .
ثم وظفت الأسرى كتبة ومحاسبين في بيتي المال والأمانة ، لكنهم تواصلوا تجسسا مع مخابرات الحكومة المصرية بتوجيه من اميرهم حسن حسين .
واستعانت المهدية بالمدفعجية المصريين لضرب البواخر النيلية المقلة لقوات كتشنر 1898 الا انهم تعمدوا عدم اصابتها فبتر الأمراء أكف بعضهم .
في عهد المستعمر البريطاني 1898 إلى 1956 عاد المصريون إلى وظائفهم القديمة التي شغلوها في العهد الخديوي .
في الفترة من 33/1937 شارك المصريون في تشييد خزان جبل أولياء تحت إشراف شركة هندسية بريطانية ، وكان الخزان لصالح مصر .
مع ظهور الحركة الاستقلالية في السودان بقيادة ابراهيم احمد والازهري عملت الحكومة المصرية على اقناع الثوار بعدم الاستقلال عن مصر ، وأرسلت دعوة للازهري لزيارة القاهرة تحت غطاء دراسة الحقوق لكنها دربته أمنيا وسياسيا وبرغم ذلك اختار الاستقلال ، فحذر مخابرات مصر لتوقعه التصفية الجسدية .
في العام 1953 بدأت المخابرات المصرية في إرسال عناصرها إلى السودان تحت غطاءات متعددة منها المراسلين الصحفيين .
1957 عملت الملحقية العسكرية المصرية بقيادة الضابط علي خشبة على اختراق الجيش وتجنيد ضباط باسم تنظيم الاحرار فاعلنته الخارجية شخصا غير مرغوب فيه .
سمحت حكومة السودان بغمر مياه النيل منطقة حلفا القديمة لدواعي تشييد السد العالي المصري والذي بدا تشييده عام 1962 واكتمل سنة 1968 ، ذلك مقابل 30 مليون دولار لم تسدد .
دعم بوليس مصر نظيره السوداني بكلاب بوليسية مدربة .
شارك الجيش السوداني في حرب 1967 ضد الجيش الاسرائيلي ، واخفت الطائرات الحربية المصرية في مطار وادي سيدنا اتقاء للقصف الجوي الاسرائيلي ، وانشات معسكرا للقوات المصرية في جبل أولياء، ونقلت الكلية الحربية المصرية إلى امدرمان .
1970 شارك الطيران الحربي المصري في قصف الجزيرة ابا ضد الامام الهادي واتصاره والإخوان المسلمون لصالح النميري .
ارسل الجيش المصري ابر مدرعات لمناصري نميري في سلاح المدرعات بعد ان سلبها الشيوعيون الابر ، مما ساعد في عودة نميري للحكم عصر يوم 22 يوليو 1971 منهيا بذلك الاتقلاب الشيوعي .، وحرض الرئيس السادات النميري على اعدام قادة الحزب الشيوعي مدنيين وعسكريين ، لصالح أميركا.
شارك الجيش السوداني لصالح مصر في حربها ضد إسرائيل سنة 1973 .
وقع البلدان اتفاقيتين للدفاع المشترك والتكامل الاقتصادي فظلتا حبرا على ورق .
بعد تطبيق النميري للتشريعات الإسلامية عام 1983 وغضب امريكا عليه دعم الجيش المصري حركة التمرد جنوبي السودان بنقل القوات جوا من معسكراتها في إثيوبيا الى مواقع العمليات .
لم تكن مصر متحمسة على دعم حكومة الصادق المهدي في الديموقراطية الثالثة لمرارات تاريخية بينها وانصار المهدي .
بسبب تنامي النشاط الأمني المصري في السودان تمت سودنة البعثة التعليمية المصرية وطرد عددا مقدرا من افراد الجالية المصرية وصودرت ممتلكاتهم وحدث اعتداء متبادل على سفارتي البلدين 93/1994 .
بتدبير مخابراتي غربي مصري اخترق جهاز الأمن السوداني فكانت محاولة اغتيال الرئيس المصري / مبارك في أديس 1995 لأجل تبرير الحصار الامريكي الدولي على السودان ، بدعوى ارتباطه بالارهاب العالمي .
بعد ان شعر الكاتب بوجود مخطط أمريكي غربي لفصل جنوب السودان، استأذن قيادة أمنية في التواصل مع الرئيس المصري / مبارك لافشال المخطط .
تم الاتصال بواسطة عقيد في الأمن الداخلي المصري مقيم في السودان ، فوافق الرئيس مبارك على المسعى وطلب من الكاتب إرسال خطة تتضمن مقترحات عملية ، كان التواصل يتم كل 48 ساعة شفاهة .
تضمنت الخطة احداث تنمية خدمية في الجنوب مرتبطة بالشمال ، تشمل تعبيد الطرق وتوصيل خطوط السكك الحديدية وتشييد مرافق تعليمية وصحية وإدخال خدمات الماء والكهرباء ، وإرسال 2 مليون شاب مصري إلى جنوب السودان لانجاز مشاريع تنموية والزواج من فتيات جنوبيات وتمكين الشباب الجنوبي من الاقتران بفتيات مصريات، وتمكين نحو 2000 طالب جنوبي من الدراسة في مصر .
وافق الرئيس مبارك على الخطة وتبرع بمشروعات تنموية في السودان الشمالي ومد طريق بري وحديدي من مصر وحتى نمولي جنوبي السودان ، وعقد اجتماعا بوزراء مال الخليج لتمويل تنفيذ الخطة ودفعت الأموال وشرع في التنفيذ .
ارسل الرئيس/ مبارك وفدا لاطلاع البشير ونائبه علي عثمان مبشرا ومهنئا ببدء تنفيذ المشاريع ، وتكون الوفد من د. عمرو موسى امين عام جامعة الدول العربية ود. احمد ابو الغيط وزير الخارجية واللواء / عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية ، في اللقاء تفاجأ البشير ونائبه بمسمى مصر فرفضاه بحجة انه تدخل دون اذن في الشأن السوداني، فعاد الوفد اسفا إلى مصر ، بينما ارسل لي القصر رسولا فقال لي : نحن الحكام ونحن من نقرر في شان البلاد وليس انتم .
بعدها اكتشفت ان القيادة الأمنية لم تطلع البشير ونائبه على الخطة .
الحكومة المصرية رحبت بانقلاب اللجنة الأمنية على البشير لكنها امتعضت من د. حمدوك وحكومته لعلاقتها بالحزب الشيوعي السوداني .
اوصي بلستقدام شركات مصرية وفقا لنظم عقدي البوت والفيديك العالميين لاحداث نهضة تنموية شاملة لصالح شعبي البلدين .
تحياتي .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الأربعاء 22 يناير 2025 .

إعلان

النصر نيوز

المدير العام ورئيس التحرير:     ام النصر محمد حسب الرسول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى