
من خلال تتبّعي الدقيق لتفاصيل هذه الحرب، تبيّن لي بما لا يدع مجالاً للشكّ أن بؤرة التفكير والعقل الخفيّ الذي كان يحرك خيوط اللعبة من وراء الستار ويجعل حميدتي كنرد «الليدو» يقذفه على الطاولة كل مرة، ثم يحصد في النهاية (يكا)، هو خالد سلك
ذلك الرجل الذي لم يُشفَ من داء الحقد، لا على وطنه الكبير، ولا على وطنه الصغير فداسي التي جرّ عليها العار، وورّطها في كارثة لم تعرف مثلها من قبل، ظلّ يدفع المليشيا إلى الأمام، ويصفّق لبطشها، ويُزيّن جرائمها بمكرٍ الثعالب
خالد سلك هو المهندس المدني الأول لهذه الحرب، فتح ذراعيه لِكيكل يوم أن انضمّ للمليشيا، وابتسم له عندما دخلت المليشيا ولايته، ثم واصل لعبته القذرة من بعيد، يصبّ الزيت على النار ويصطنع الوقار، يتغنّى بالسلام وهو لا يعرف له سبيلاً، ويتحدّث عن الوطن وهو أول من خانه
ما كشفه بقال قبل يومين و الذي أراه هذه الأيام يصنع وهمات ( Arms and the man) ! ويبحث عن خرم إبرة ليعود ! …وضع النقاط على الحروف ويؤكد ما قلناه: فالحقيقة لا يمكن أن تُخفى مهما أُخفيت، ورائحة الخيانة لا تُطمس مهما غُسلت بالشعارات اللامعة
إن خالد سلك ومن سار على نهجه لم يكونوا يوماً دعاةَ وطن، بل تُجّارَ أزماتٍ، أشعلوا النيران ظنّاً منهم أنها ستحرق غيرهم وتُدفئهم، لكنهم نسوا أن الدخان حين يرتفع لا يفرّق بين بيت وآخر
لقد باع سلك ضميره، وأجّر قلمه، وخاض معاركه بعقلية الحاقد لا بعقلية السياسي، كان ينتشي كلما نزف الوطن، ويبتسم كلما اتّسع الخراب، لأن في داخله عقدة الهزيمة القديمة التي لم تشفها الأيام
إني من منصتي أنظر…ثم أقول : مخطئٌ من ظنّ يوماً أن للثعلب ديناً، ومخطئٌ أكثر من ظنّ أن خائن الأمس يمكن أن يصبح مصلح اليوم.