مقالات

السمَا إِنْتَكَا….وجِلد النمل إِتْسَلَّخ ! 

من أعلي المنصة .. ياسر الفادني

الجيش السوداني نفذ خلال الأيام الأخيرة عمليات إسقاط جوية إلى داخل مدينة الفاشر، وصلت في بعضها إلى دفعات مزدوجة من مؤن وعتاد لقوات الفرقة المتمركزة هناك خطوة لها مدلولات تكتيكية مباشرة على خط الاشتباك وإمداد القوة المحاصرة

الإسقاط الجوي في جوهره هو فن وعلم إيصال أشخاص وذخائر وإمدادات إلى نقطة لا تسمح بالهبوط أو التزود البري، ويأخذ أشكالاً تقنية متعددة تتراوح بين الإسقاط البطيء الذي يبطئ الحمولات الثقيلة لحماية المحتوى، والإسقاط عالي السرعة الذي يفضّل للمواد غير الهشة، إضافة إلى تقنيات استثنائية مثل نظام الاستخراج منخفض الارتفاع الذي يخرِج منصات محمولة من الطائرة على ارتفاعات تكاد تكون لمسية كل طريقة لها متطلبات نقل وتدريب ومخاطر مميزة

نجاح أي عملية إسقاط يعتمد عسكرياً على مجموعة متداخلة من عوامل: دقة الاستطلاع وتحديد نقاط الإسقاط ، تحكم بالقوة الجوية والمجال الجوي في زمن الطلعة لمنع اعتراض الطائرات أو إسقاط الطائرات المسيرة، تجهيز الحمولات ارتباطياً بحيث تقاوم الصدمات وتفتح المظلات كما هو مخطط، توقيت الطلعات وعملية التنسيق الأرضي وطبعا مهارة طاقم الطائرة وقدرته على تنفيذ مسار إطلاق ثابت ضمن معايير السرعة والارتفاع المحددة، ضعف أي عنصر منها يزيد من خسارة الحمولات أو تحوّلها إلى فخ للمستلم

على مستوى القتال الميداني، للإسقاط آثار مزدوجة: عملياً يزيد من بقاء القوة المقاتلة المحاصرة عبر توفير ذخيرة وطعام ووقود وإمكانات طبية، وبالتالي يمكنه إطالة زمن مقاومة الموقع وتحسين فرصه في شن هجمات معاكسة أو التحرك المنظم؛ نفسياً، يرسل رسالة استمرارية وقدرة لوجستية تعيد تشكيل المعنويات لدى الطرفين يرفع معنويات المستلم ويقوض شعور الحصار لدى المقابل

تكتيكياً، تحسين الدقة والنجاح يتطلب: استخدام نظم تحديد موقع متقدمة لحساب نقاط الإفلات والاعتماد على حزم مظلية محسوبة أو مظلات موجهة عندما يكون ذلك متاحاً، تنفيذ الإسقاط من منحدرات ارتفاع وسرعة مدروسة لتقليل تشتت الحمولات، وتحضير مناطق التسليم (زرع علامات، طيف من المراقبة الأرضية أو الاستطلاع بالمسيرات) فضلاً عن التدريب المستمر لطاقم الإمداد والمُعدّين للحِمولات، كل تحسين تقني أو استخراجي يرفع كلفة العدو إن أراد منع الإمداد لكنه لا يلغي حساسية العملية للتدخل المضاد

إني من منصتي أنظر…. حيث أري… أن الإسقاطات التي نفذها الجيش في الفاشر ليست مجرد لقطات إعلامية، هي محاولة لتغيير حسابات القوة عبر المحافظة على خط القتال وتمديد قدرة التحمل لدى القوة الميدانية، المعركة في الميدان لا تُحسم بالإسقاطات وحدها، لكنها قد تكون العامل الذي يشتري وقتاً قد يغيّر مآلات الاشتباك إذا رافقته سيطرة جوية، استغلال فوري للإمداد وقيادة ميدانية قادرة على تحويل المؤن إلى قوة ضاغطة ، اهم رسالة أرسلتها القوات المسلحة إسقاطا علي المليشيا هي : (تَحَسْبُوا لِعِب) ؟.

النصر نيوز

المدير العام ورئيس التحرير:     ام النصر محمد حسب الرسول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى