عثمان ميرغني يكتب: يحكمنا الذكاء الاصطناعي..

سألني أحد القراء.. على منصات التواصل الاجتماعي.. من ترشح ليكون منقذا للسودان مما هو غارق فيه.. مناسبة السؤال هو ما كتبته عن الدكتور محمد طاهر ايلا.. واشادتي بأسلوبه الاداري المميز و تكلل بنجاحات مشهودة في ولايتي البحر الأحمر ثم الجزيرة..
لو كانت اجابتي أي اسم مما هو مطروح على المشهد السياسي حاليا.. أو حتى من يختفون خلف ضباب الاعلام ولا يظهرون لكن أعمالهم بارزة للعيان.. فستنهمر سهام النقد بالحق وأكثر منه بالباطل .. من فرط الفشل الذي ظل يخيم على الأداء العام.. واخفاق الحكومات على مدار العهود والنظم منذ الاستقلال ما بات للناس قدرة على احتمال انتظار نتائج ما قد يقدمه أي مرشح في منصب عام..
و أصدقكم القول.. ليس في ذهني اسم واحد..مقنع لمن ينتظرون اجابتي على السؤال.. وفي تقديري ما عاد في كنانة السودانيين من يقدمونه بكل ثقة ليكون منقذا لهم.. يضعون فيه الرجاء .. وينتظرون منه العطاء..
كل الأسماء التي اختبرت.. بكل أسف زادت من يأس الشعب في “مُنقذ”.. يخرج البلاد من ظلام الحاضر إلى نور المستقبل..
ذلك لا يعني لم يعد ممكنا سوى انتظار يوم القيامة.. لا.. بل الاجتهاد في البحث عن حل آخر..
السودان لم يعد في حاجة إلى زعيم (منقذ).. بل إلى نظام منقذ.. لا أقصد نظام سياسي فذلك أيضا مجرب بما يكفي.. بل أقصد “السيستم” الذي يدير الدولة ليكون هو المنقذ..
ولا أقصد بذلك تركيبة كيمائية من عدة عناصر لتنتج في النهاية مركبا يؤدي الأغراض المطلوبة منه.. بل معادلة ذكية تجعل الدولة خاضعة لارادة الشعب.. تشعر بآلامه وتهتدي بآماله.. لتصنع أفضل واقع وترسم مستقبلا مشرقا..يستحقه أهل السودان..
لتكون الفكرة واضحة أضع بين أيديكم هذه التفاصيل..
السودان كان ولا يزال .. سيارة قديمة كثيرة الأعطال .. غير قادرة على السير إلا بمشقة.. و غارقة في المخالفات والحوادث المرورية.. بسبب ضعف التحكم فيها .. وصعوبة التوجيه.. و رداءة الطرق..
التحكم بهذه السيارة في يد السائق.. فردا كان أو حزبا أو حتى “شُلة”.
لا نحتاج لمواجهة مخاطر تغيير السيارة.. أو السائق..
بدلا من ذلك نحتاج لتغيير “طريقة” قيادة السيارة..
السيارة و أدوات التحكم فيها ، والسائق نفسه.. كلها معطيات مادية وبشرية..
ولكن هناك معطى آخر يخرج من هذا الاطار ويستطيع ممارسة القيادة بأعلى مهارة واقتدار بمنهج “زيرو مخاطر”..
هذا المعطى هو .. السوفت وير.. بدلا من سيارة .. ستتحول إلى طائرة..
بها أجهزة كمبيوتر و ملاحة متقدمة.. مهما كان الطيار مقتدرا أو مبتدئيا فهو “محكوم” وليس حاكما.. بتفاصيل كثيرة معدة سلفا..بما فيها مساره في الفضاء ومحطاته .. ومواقيته.. وحمولته .. و سرعته.. وارتفاعه.. وسلامة الطائرة نفسها..
لا شيء بيد الطيار .. رغم كونه يمسك المقود و يشرف على قيادة الرحلة..
و فوق كل ذلك.. هذا الطيار محكوم بكثير من الضوابط التي لو خالفها بأدنى درجة فهي تؤثر على استمراره في القيادة..
حينها لن يهم الشعب من هو الطيار.. ولا مساعده.. ولا مهندس الطائرة.. كل ذلك لا يؤثر على مصير المواطن.. طالما “السيستم” هو الذي يقود لا الطيار.
عمليا؛ كيف يتحقق ذلك..
بناء “السوفت وير” للدولة عمل من صميم مهام المجلس التشريعي ” البرلمان”.
مطلوب تشريعات تعيد هندسة المستوى القيادي الأول للدولة.. برؤية تستبطن الفكرة التي شرحتها.. والتي تحول السلطة في يد القيادة إلى خيارات محفوفة بمحددين مهمين:
الأول : توازن السلطات.. Checks and Balances .
الثاني: المسؤولية. بمبدأ كل قرار محكوم بنتائجه..