كَثُر الحديث عن إدارة الحج والعُمره وكوّن الرئيس قبل شهر ونيف لجنة للشبهات التي سردها الإعلام، وما لبثنازغير بعيد حتى رأينا بأعيننا مأسآة أبناء جلدتتا وهم يفترشون الأرض، شاهدنا ذلك الأمر بفيديوهات صادقة تعكس الواقع ( المرير ) لكثيرٍ من الحُجاج الذين دفعوا من حُر مالهم للتمتع بأداء ركن من أركان الإسلام وبروح طيبة ونية صادقة لبّوا نداء الحق عز وجل للأراضي المقدسة، ( ومن المفارقات أنَّ الرئيس كوّن اللجنة آنفة الذكر قُبيل سفر الحجيج ولكن يبدو أنَّ الحال لم يتغيّر فلم نهاجم الحج والعمرة إلاّ لما رأينا من سوء واضح لا ينكره أحد، سوء في المسكن ( نتجاوز الوجبات وإن كان لهم الحق فيه ) ولكننا حتماً لا يمكن أن نتجاوز ما رأيناه بأم أعيننا، حُجاج كُثر ينامون على الأرض لا يمنعهم عنها إلاّ قطعة قماش والسؤال البديهي: أين هي خدماتهم؟ وأين راحتهم؟ وأين مسكنهم؟ هذه المناظر يجب ألا تمر مرور الكرام ويجب أن يخضع المسؤولون عن التنظيم للتحقيق.
الكثيرون ما كانوا يصدّقوا هذه الفضيحة لو لا تم تصويرها وهي دليلٌ قاطع على سوء الإدارة وهو أمرٌ يقود للفساد الذي أقعد الدولة لسنوات طويلة. ضجت وسائل التواصل الإجتماعي بفيديو من الأراضي المقدّسة يعكس عدم اللا مبالاة في ترتيب الأولويات فأصبح الفيديو ترند داخلي زاد حالة الغضب على إدارة الحج والعُمرة وهو شئ طبيعي لأن صورة السودانيين وهم على الأرض عكست الوجه الآخر، وبدل أن كان الحديث على النطاق الداخلي وتشكيل لجنة من الرئيس أصبحت فضائحنا في أطهر بقاع الأرض فبينما تعمل الدول على راحة حُجاجها تفشل إدارة الحج والعمرة في تهيئة بيئة تُليق بزوار بيت الله.
مهما حاولت إدارة الحج والعمرة أن تبيّض وجهها بعد الذي شاهدناه في الفيديوهات لم يرفع عنها الحرج، والذي حدث وإن كان لفرد واحد يُعتبر فشل، فماذا تقول إدارة الحج وهي تشاهد الأعداد الضخمة وأحاديث الحُجاج تعكس صدقهم وواقعهم المعاش تم تصويره بلا (مونتاج أو إخراج) حتى لا تخرج الإدارة وتحاول أن تجمّل وجهها، أقول ذلك والذين لبّوا النداء لا يعرفون إدارة الحج والعمرة ولا يعرفون من هو المسؤول، فقط يرغبون في توفير خدمات مقابل ما دفعوه من مال.
لن تنهض بلادنا والفساد الإداري ينخر في مؤسسات الدولة المختلفة وتغلغل الجنحويد في مفاصلها، لن تقوم للحكومة قائمة وهنالك تواطؤ في تنفيذ القوانين، فإن أردنا سُوداناً متعافياً يجب أن يكون المسؤولون قدر التحدي، ويجب تنفيذ القانون في الجميع بلا إستثناء ولإعادة الثقة المفقودة بين الشعب والحكومة يجب أن تُبادر الأخيرة بتشكيل لجنة لإدارة الحج والعُمرة بكل شفافية وأن تُعرض نتائجها على الرأي العام، سوى ذلك ستظل الحكومة جزء أصيل في إستمرار الفساد.
