مقالات

العلاقات السودانية السورية .

د.طارق محمد عمر

الخديوية الالبانية حكمت السودان باسم دولة الخلافة العثمانية التركية في الفترة من ( 1821 إلى 1885 ) لذا اطلق عليها السودانيون إسم التركية السابقة . شاركت في تلك الحقبة

جنسيات تركية وعربية من بينها الشوام ويقصد بهم اللبنانيين والسوريين ، بعضهم عمل في الجيش ومؤسسات الأمن والبوليس و الخدمة المدنية مثل التطبيب والهندسات و التعليم والكتابة و المحاسبة والترجمة و التجارة وبعض الحرف اليدوية مثل صياغة الذهب وصناعة الفخار ، كانت الغالبية العظمى منهم مسلمون و بعض النصارى .

لكن في الحقبة المهدية فرت الجاليات إلى مصر والحبشة الا القليل منها اتقاء عسف السلطان .

اما في عهد الاستعمار البريطاني (1898 إلى 1956 ) فقد وفد النصارى من الشام وسوريا ضمن نصارى دول عربية ، و الحقهم المستعمر بالخدمات التعليمية و الصحية والامنية و الترجمة خاصة في قلم المخابرات و خدمات البريد و التلغراف والهاتف ثم اللاسلكي ، وشكلوا قاعدة تجسسية و اسعة الانتشار بطول البلاد وعرضها لصالح المستعمر .

في تلك الفترة نشطت التجارة بين البلدين فكان السودان يستورد من سوريا القماش والعطور و المكسرات والفواكه المجففة ويصدر بعض ماينتج خاصة السمسم و الفول السوداني و الكركدي و الليمون المجفف ، و اغلب التجارات كانت تتم عبر ميناء سواكن .

عقب الاستقلال 1956 كلف السفير / جمال محمد احمد بتمثيل السودان لدى سوريا و لبنان و الاردن و العراق وتركيا ، مقيما في بغداد ، تواصل النشاط التجاري بين الدولتين لاسيما و ان معظم التجار السوريين لم يغادروا السودان مع المستعنر البريطاني.

فظهرت شركات لمواد البناء و الاواني المنزلية والقماش و النحاسيات ونحت الخشب و صناعة و تأجير خيام المناسبات و الفخاريات .

استمر الحال بذات الوتيرة رغم الأجواء السياسية العكرة في عهد الرئيس/ نميري حينما استغنى عن خدمات السوفيت و استعان بأمريكا والغرب ، و دارت حرب استخبارية بين أجهزة أمن النميري و البعثة الدبلوماسية السورية المخابراتية في حقيقتها .

في العام 1993 وضع العميد / هاشم اباسعيد مدير مخابرات السودان ، خطة لكسر شوكة الحصار الامريكي الدولي على البلاد و بعد المراجعة و الاجازة من الجهات العليا كلف نفر من الضباط بالاتصال بسفراء الدول و اقناعهم بحسن نوايا السودان تجاه بلدانهم ، وقد كلف الكاتب بالاتصال بالسفير السوري / محمد المحاميد فازدهرت العلاقة بين البلدين و قدمت دمشق أسلحة روسية للجيش السوداني مع علاج جرحى العمليات و تركيب الأطراف الصناعية مجانا،لذا أصدر الرئيس البشيرقرارا بتجنيس اللاجئين السوريين ردا للجميل و لكن اكثر الناس لايعلمون ، كذلك ازدهر التبادل التجاري بين البلدين .

عقب محاولة اغتيال الرئيس/ المصري حسني مبارك في أديس أبابا 1995 طالبت جميع السفارات بتسليمها الاسلاميين من رعاياها الا ان الكاتب ضمن السوريين منهم ضمانا شخصيا و تعهد بعدم تمكينهم من ممارسة اية نشاطات معادية للنظام السوري فوافقت الحكومة السورية .

بعدها تم تنشيط السفارة السودانية في دمشق فإذا بمخابرات سوريا تخترقها و تجند بعض اعضائها فابتعث الجهاز احد ضباطه لحمايتها و ليمثله لدى المخابرات السورية في إطار التعاون و التنسيق الأمني بين البلدين ، مثلما نشطت الرحلات الجوية و البحرية و التعاون العلمي و التعليمي بين الدولتين .

ثم ظهرت عصابة سودانية قادها و زير دفاع سابق ، خدعت رجال أعمال سوريين وحصلت منهم على مبالغ مالية كبيرة وعادت إلى السودان و اختفت فيه ، و بناء على شكوى تقدمت بها الحكومة السورية كلف الكاتب بادارة ملف القضية و اعتقال رئيس و اعضاء العصابة و مستشارهم القانوني و هو محام معروف و اخضاعهم للتحقيق ، تم فك طلاسم الجريمة في وقت و جيز واعيدت المبالغ المالية إلى اصحابها فلهجت ألسنتهم بالثناء .

كانت لنا ايام مازلت اطراها.

د. طارق محمد عمر .

الخرطوم في يوم الأحد 19 يناير 2025 .

إعلان

النصر نيوز

المدير العام ورئيس التحرير:     ام النصر محمد حسب الرسول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى