
أصدر الرئيس المصري/ عبد الفتاح السيسي قرارين رئاسيين قضى الأول باعفاء اللواء / عباس كامل من منصب رئيس المخابرات العامة وترفيعه مستشارا أمنيا لرئيس الجمهورية ومنسقا بين جميع الأجهزة الأمنية ومبعوثا خاصا للرئيس.. وبالتالي يكون مسؤولا عن الأمن الكلي المصري الذي يشمل الأمن القومي داخل الحدود وخارجها .. وعباس كامل عمل ضابطا في المخابرات الحربية المصرية ( الاستخبارات العسكرية ) ثم مديرا لمكتب اللواء/ عبد الفتاح السيسي في الاستخبارات العسكرية ثم وزارة الدفاع .. يلقب بكاتم اسرار الرئيس ورجل الظل والثعلب.
بينما قضى القرار الثاني بتعيين اللواء مهندس / حسن محمود رشاد .. رئيسا للمخابرات العامة المصرية بعد ان كان وكيلا لها .. وهذا الجهاز ينشط خارج الدولة المصرية وينسق مع الأجهزة الأمنية في الداخل مثل مكافحة العملاء والجواسيس والامن الداخلي ( مباحث أمن الدولة ) والمخابرات الحربية وكل الوزارات والمؤسسات ذات الصلة بالخارج .
اللواء مهندس / حسن محمود رشاد تخرج مهندسنا في الكلية الفنية العسكرية المصرية .. وهذه الكلية أنشئت في العام 1958 بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر الذي ( كان ضابطا في الاستخبارات العسكرية ومعلما في مدرستها ) .. و كان لسم الكلية الفنية وقتها الكلية العسكرية للعلوم .. هذه الكلية تخرج ضباطا مهندسين للحرب والسلم ومن ثم يتم توزيعهم على مختلف التشكيلات او الوحدات العسكرية .
من العلوم التي تدرسها الكلية الفنية : هندسة الطائرات والصواريخ والطاقة والكيمياء والكهرباء والمتفجرات …… الخ .
لاغراض التحليل الأمني أشير إلى ان القرارين لم ياتيا صدفة .. فاحداث الشرق الأوسط المتعلقة بالحرب بين إسرائيل والمحور الإيراني التي قد تتطور إلى حرب اقليمية ثم عالمية جعل الرئيس السيسي يشعر بأهمية وجود اللواء/ عباس كامل إلى جواره.
كذلك تعيين اللواء / حسن محمود رشاد رئيسا للمخابرات العامة يأتي منسجما مع المستجدات المتعلقة بمياه النيل مثل اتفاقية عنتبي التي وقعتها دول المنبع بينما امتنعت دولتا المصب السودان ومصر عن التوقيع لان الاتفاقية تقلص حصتيهما المائيتين .. وقد يشهد النيل الأبيض تشييد سدود في أوغندا وجنوب السودان للتحكم في مياه النيل الأبيض .. وتعتبر اتفاقية عنتبي سياسية بامتياز إذ لا حاجة لدول المنبع بالمياه الخاصة بالري الزراعي لكثرة هطول الامطار في معظم شهور العام .. قد تحتاج فقط للتوليد الكهربائي وهو لايتطلب حجز كميات كبيرة من المياه .
كذلك الحال بالنسبة لسد النهضة الإثيوبي المكون من 8 سدود فهو سياسي لا اقتصادي إذ جاء بفكرة من الإدارة الأمريكية للتحكم في القرار السوداني والمصري عن طريق حجز معظم المياه عن الدولتين .. جاء ذلك في العام 1956 حيث اوفدت مؤسسة الاستصلاح الأمريكية لدراسة تشييد السد الإثيوبي دون أن يخطر المشروع على بال الإمبراطور هيلا سلاسي .
ومصر تراقب شق إسرائيل لقناة ابن غوريون الرابطة بين مياه البحر الأحمر والأبيض المتوسط حيث تتخوف مصر من المنافسة .. خاصة وان القناة الإسرائيلية ذات مسارين فلا تأخير للسفن العابرة .. وبالتالي سينخفض دخل قناة السويس .
أيضا يوجد خلاف يتعلق بتقسيم حدود المياه الإقليمية بين مصر وليبيا وإسرائيل وتركيا واليونان بسبب اكتشاف الغاز الطبيعي في تلك المنطقة من البحر الأبيض المتوسط .
اعتداءات الحوثي على السفن التجارية الغربية اثر على دخل قناة السويس فضلا عن وجود مشاريع لاقامة قواعد صينية وروسية وايرانية على شواطئ البحر الاحمر.
لكل هذا ولغيره أرى أن التعديلين الامنيين الذين اتخذهما الرئيس السيسي موفقين .
مصر دولة مؤسسات فالنحذوا حذوها
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الخميس 17 أكتوبر 2024 .