” التايم لاين” ضجَّ بصورهما في شوارع نيالا،، جولة حميدتي والحلو،، “صناعة إعلامية”..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو.

تشكيك في الصور، وسخرية لاذعة من رواد منصة فيسبوك..
محاولة فاشلة لإرسال تطمينات بنشر مظاهر بديلة للحرب في نيالا..
اجتهاد لصناعة وهم سياسي يعزز لصورة ” تأسيس” في الأذهان..
انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية صورٌ ومقاطع فيديو قيل إنها توثق لجولة ميدانية في مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، جمعت قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” رئيس ما يسمى بالمجلس الرئاسي لتحالف السودان التأسيسي، ونائبه عبد العزيز الحلو، زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، وقد ظهر الرجلان وهما يسيران في الطرقات متشابكي الأيدي، ويتحدثان إلى بعض المواطنين، وسط غياب كامل لمظاهر الحراسة، والبروتوكول الأمني المعتاد في مثل هذه التحركات.
اشتعال الفيسبوك:
وضجَّ التايم لاين بهذه الصور والفيديوهات التي انتشرت بشكل واسع على منصة فيسبوك، حيث اشتعلت النقاشات والجدل الكثيف بشأن حقيقتها، وقد أجمع أغلب المتداخلين والمعلقين على أن هذه الصور والفيديوهات ليست سوى ” ذكاء صناعي”، وقال أحد المعلقين إن حركة الفيديوهات غير طبيعية، منوهاً إلى وجود عملية مونتاج ودبلجة، تُظهر حميدتي والحلو في مقطع هادئ، ثم لا يلبثان أن يظهرا وبدون أي مقدمات وسط المواطنين وبشكل غير متسق ولا مُنسَّق، وشكك متداخل آخر في شكل حميدتي وقال إن الانفعالات التي أبداها حميدتي غير منطقية لرجل غاب عن قواته فترة طويلة، فيما قطع متداخل ثالث بقوله: ” أنا بالنسبة لي لو جابوا لي عديل وجضمتوا برضو بقول ميت” ويعلِّق أحد المتداخلين ويبدو أنه مختص في الإلكترونيات والذكاء الصناعي، حيث تناول السماعة التي يرتديها عبد العزيز الحلون وقال هي سماعة خاصة باتزان الريبوت ( حميدتي) حيث إنها تعمل على حمايته من الوقوع أوالإنحناء، قتقوم بإرسال ذبذبات كهرومغنطيسية للكنترول، مبيناً أن هذه العملية مكلفة وباهظة الثمن، وتخبره بأن الوضعية مستقيمة، وقال إن الهدف من هذه العملية هو رفع الروح المعنوية لجنوده من الجنجويد بإظهار حميدتي وسط جنوده أسوةً بالقائد العام الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الذي ظل يظهر بين فينة وأخرى وسط جنوده في المواقع الأمامية، وقالت إحدى المتداخلات: ” متابعة الحلو لحميدتي، ذكرتني متابعتو لأحمد هارون لما كان نائب ليهو في جنوب كردفان، وفي النهاية انتهت العلاقة بينهما باشتعال فتيل الحرب واندلاع التمرد الثاني يوم ستة شهر ستة سنة 2011م، ومن التعليقات الطريفة فقد صمَّم أحد المتداخلين فيديو يُظهر حميدتي والحلو في وهما في مدينة بورتسودان وكتب: ” الهالك والدجال يتجولان في كورنيش بورتسودان، وزاد: ” أها حركناهم ليكم كمان، في إشارة إلى تحويل الصورة إلى فيديو، فيما قام آخر بتصميم صورة تجمع حميدتي والحلو وبينهما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكتب يقول: ” ترامب كان معاهم في نيالا.
مشهد لا يُصدَّق:
ويشكك الكثير من المحللين في مشهد الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بحميدتي والحلو وهما يتجولان في مدينة نيالا البحير، مُقرِّين بصعوبة حدوث مثل هذا المشهد واقعياً في نيالا تحديداً، باعتبار أن سماء المدينة في متناول سلاح الجو السوداني الذي ظل يزورها مراراً وتكراراً، ثم أن نيالا نفسها تعيش حالةً من التوتر الأمني الذي يجعل من المستحيل أن يتجول قائد كالحلو أو حميدتي في الشوارع والطرقات دون وجود أي تأمين، وبالتالي فإن التشكيك في صحة الصور ومقاطع الفيديو يظل منطقياً، ويأتي في إطار الحرب الدعاية التي أصبحت منصات التواصل إحدى أهم ميادينها، حيث حاول ناشرو هذه الصور ومقاطع الفيديو إيصال طابع دعائي قوي يحمل دلالات تؤكد على رمزية “التحدي” ورمزية “الوحدة”، بأن الرجلين يمثلان قيادة جديدة لا تعتمد على الحماية المكثفة أو الانعزال في مقرات محصنة، بل تتحرك بين الناس وتشاركهم حياتهم، وأن “تحالف تأسيس ” ما يزال متماسكاً، وقادراً على ممارسة نفوذ فعلي في المدن الاستراتيجية رغم الضربات الجوية والحصار، لقد حاول ناشرو الصور ومقاطع الفيديو إرسال تطمينات نفسية عبر سردية مظاهر بديلة لواقع الحرب وما يفرزه من موت ودمار، فالخطوة في مجملها كانت محاولة أقرب إلى صناعة وهم سياسي يراد منه تعزيز صورة تحالف “تأسيس” في أذهان المتابعين أكثر من كونها توثيقاً لواقع ميداني.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر، فقد حاولت الغرف الخاصة ب “تحالف السودان التأسيسي” لفت الانتباه إلى علاقة حميدتي بالحلو عبر صناعة إعلامية أثارت جدلاً واسعاً من التشكيك والسخرية على منصات التواصل الاجتماعي، فكانت الجولة بمثابة لوحةٍ دعائية رُسمت بعناية في معركة الوعي، ولكن كذَّبها لسان حال الميدان، في مدينة نيالا الواقعة في مرمى النيران.