مقالات

الطاهر ساتي يكتب: الجنجويد فكرة ..(2)

 

:: وصلاً لما سبق، إدارة بنك السودان و سياساتها لاتقل خطورة عن الجنجويد، فالفكرة هي تخريب الاقتصاد الوطني، وسيان هذه وتلك في تنفيذ الفكرة، و كانت زاوية الأمس عن مخاطر احتكار كتلة البلد النقدية لبنك واحد فقط لاغير.. وقبل إستكمال مخاطر هذا الاحتكار، أصدر مجلس الوزراء بالأمس قرار احتكار آخر، لصالح بنك السودان أيضاً..!!

:: لقد تم حصر شراء وتصدير الذهب على بنك السودان، أي احتكروا له عمليتي شراء و تصدير الذهب، ويتم هذا الاحتكار برعاية رئيس الوزراء شخصياً، وكان قد وعد يوم تنصيبه بسياسة تحرير الاقتصاد والمنافسة الشريفة والشفافية، وكان قد رفع كتاباً وثّق فيه حديثه، وها هو – بقرار اليوم – يبلع حديثه و يحرق كتابه ويخلف وعده ..!!

:: وليس في أمر رئيس الوزراء عجباً، وليس الوحيد، فالتناقضات و نقض الوعود من سمات النخب المسماة بالمسؤولة في بلادنا المنكوبة بهم، وليس بغيرهم .. ومن الطبيعي جداً أن يتم تحرير أسعار السلع وسعر الصرف بلارحمة، ثم يتم احتكار الذهب والكُتلة النقدية – و كل غال و نفيس – لصالح أفراد نافذين أوجهة حكومية، حتى لا يعُم الخير على الجميع..!!

:: فالبلاد لاتزال تصطلي بآثار احتكار الذهب لبنك السودان.. فالشاهد، حتى المصاب بداء الزهايمر يتذكّر بأنه في ديسمبر ٢٠١٨، وبعد ست سنوات من التخريب، قرّر نظام البشير فك احتكار بنك السودان لصادر الذهب.. والخراب الذي أحدثه احتكار البنك المركزي لصادر الذهب في عهد البشير لم يحدث في تاريخ السودان.. !!

:: قرروا الاحتكار آنذاك ، ليس جهلاً بعلوم الاقتصاد، ولكن مصالح المفسدين كانت أقوى من مصالح البلد، وهذا ما يحدث الآن، أي سقط نظام البشير شكلاً، ليبقى النهج الفاسد في مفاصل الدولة، ومنها بنك السودان..ونفهم أن يمنع رئيس الوزراء البنوك والشركات عن تجارة السلاح والمخدرات والممنوعات، وهذا المنع يتسق مع القوانين ويستوعبه العقل السوي.. !!

:: ولكن، كيف نفهم أن يتبنى رئيس الوزراء ويحمي (طبخة) تمنع البنوك التجارية والشركات عن تجارة الذهب، شراءً وتصديراً، ويحتكر كل هذا لجهة واحدة؟..هذا المنع لا يتسق مع القوانين، ولا يستوعبه أي عقل يؤمن بأن الأصل في التجارة المشروعة هو الحرية والمنافسة، وليس الحظر والمنع وغيره من مصطلحات اقتصاديات الدول المتخلفة والأنظمة الفاسدة..!!

:: ورئيس الوزراء يعلم أن البلاد لم تستفد من احتكار بنك السودان لسوق الذهب في عهد البشيرغير التضخم وانخفاض عائد الصادر، رغم ارتفاع حجم الإنتاج.. وليته يراجع تقارير أعوام الاحتكار ليتراجع عن طلبه، أو ليتمادى في المكابرة، لصالح جنجويد بنك السودان، أو كما وصفهم الفريق ياسر عطا، ثم سكت .. !!

:: فائدة البلاد الاقتصادية في سياسة التحرير، أي في توفير مناخ المنافسة للمصارف والشركات لتنافس بعضها في الإنتاج و السعر..قبل قبضة الاحتكار، كانت هناك (13 شركة وطنية)، تعمل في سوق الذهب بمنافسة شريفة، وعبر قنوات الدولة الرسمية، ولم تكن هناك فيالق الجوكية والحرامية في السوق و مفاصل الدولة .. !!

:: وكانت تلك الشركات تورد عائد الصادر قبل تصدير الذهب، وهذا ما يسمى بنظام (الدفع المقدم).. نعم، كانت تورد عائد الصادر (أولاً)، ثم تشتري الذهب من شركات التنقيب والأهالي بالمنافسة ذات الفائدة للمنتج، ثم تصدره بعد سداد ما عليها من رسوم وضرائب، هكذا كانت فوائد الإنتاج والتصدير للمنتج والشركات والبلد، ولم يكن هناك تهريباً.. !!

:: لم تضج الصحف وتقارير الأمن الاقتصادي بأرقام التهريب إلا بعد احتكار بنك السودان، وبنهج الاحتكار، فقدت البلاد الكثير من عائد صادر الذهب، قبل سياسات الاحتكار، لم يكن هناك تهريباً يُقزّم حجم الصادر رغم ضخامة الإنتاج.. ومن الخزي والعار أن تقدّر وزارة المعادن حجم الانتاج اليوم بمائة وخمسين طناً، بيد أن الصادر لايتجاوز أربعين طناً..!!

:: كان على رئيس الوزراء توفير مناخ المنافسة الشريفة، كما وعد، لتتنافس البنوك والشركات في التمويل والشراء والتصدير، فالمنافسة الشريفة تمنع التهريب..وبنك السودان لن يحتكر شراء الذهب بالأسعار العالمية، والبائع ليس بساذجٍ ليبيع ذهبه بسعر الاحتكار الرخيص، بيد أن الأسعار المُغرية بالخارج..وعليه، دول التهريب هي المستفيدة من هذا الاحتكار..!!

النصر نيوز

المدير العام ورئيس التحرير:     ام النصر محمد حسب الرسول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى