التحريض على ارتكاب الجرائم يكون بالقول او الفعل او الاقرار ، و يصدر عن عاقل بالغ حر الارادة ، ذلك بخلق فكرة ارتكاب الجرائم في ذهن القصر او مرضى العقل و النفس و الاعصاب و الجاهلين و الغافلين ، مع تقوية التصميم لديهم لاقتراف الجرم .
جريمة التحريض قد تكون ذات طابع مدني او امني او عسكري .
و دلت التجارب على حدوث تراخي في اكتشاف جريمة التحريض لما بعد ارتكاب الفعل الاجرامي موضوع القضية ، و محامي الدفاع هو من يتوصل لمرتكب جريمة التحريض من خلال سير و مداولات القضية، ذلك في سبيل تبرئة المتهم او تخفيف العقوبة عته .
و جريمة التحريض تثبت بالاعتراف ( الإقرار ) و هو سيد الادلة او بشهادة شاهدين عدلين او شاهد عدل و امراتين او بمستند سليم لايرقى اليه الشك .
و يعد التحريض من قبيل جرائم الاشتراك الجنائي و يطال المحرض من العقاب ما صدر بحق المدان باقتراف الفعل الاجرامي و ربما أشد .
و بحسب خطورة الجريمة يكون مستوى العقاب و قد يصل حد الإعدام او السجن المؤبد .
و المحرض قد يكون ذكرا او انثى و من ذلك ما تنظمه الحكامات من شعر يتغنين به ( ياشبابي الراكبين اللاندي اضربوا لي بورسودان ما تكسروا زندي ، يافروسي الراكبين اللاندي اضربوا لي بورسودان و فرحوا لي قلبي ، ياالشبالي الراكبين اللاندي اضربوا لي بورسودان و اكسروا البنكي ) .
فهذا مثال لجريمة تحريض مركبة و موجهة ضد نظام الحكم و المواطن و المال .
ان جرائم التحريض قديمة و متواترة و لطالما اغار بعض البقارة على الجنوب سلبا و نهبا و سبيا فيرد الجنوبيون بالمثل صاعا بصاع ، و لم يكن مواطن المركز يشعر بوخز تلك الجرائم على المجني عليهم ، كذلك جرائم اعتداء بعض البقارة على الزرقة و منهم الفور و البرقو و التنجر و المساليت و الزغاوة ، لم يحس مواطن المركز الا بعد وصول هذه الجرائم إلى العاصمة الخرطوم و كبريات المدن .
و قد ساعد الحكم الفدرالي الذي اسانا فهمه و تطبيقه على تفشي هذه الجرائم ، اذ بعد المركز عن الاطراف و قل تاثيره ، و ربطت السياسة بالخدمات التعليمية و الامنية و الصحية .
لابد من نشر الوعي و التعليم و الثقافة القانونية و الدينية في اوساط أهلنا البقارة ، و العمل على استقرارهم و تجريدهم من السلاح و وضعه بيد القوات النظامية .
ان جريمة التحريض تبدر من شياطين الإنس اي البشر فينكرونها ثم تثبت عليهم امام قاضي المحكمة ، مثلما تبدر من شياطين الجن فيتبراون منها و هيهات لهم ذلك ( كمثل الشيطان إذ قال للانسان اكفر ، فلما كفر قال اني برئ منك اني اخاف الله رب العالمين ) .
نحو سودان جديد .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الأحد 23 فبراير 2025 .
