تقارير

الميليشيا تصرُّ على منحها لهالكيها من القتلى والمغتصبين،، ” صفة الشهادة”،، عطاء من لا يملك لمن لا يستحق..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو

لا تُمنح الشهادة لمن قتلوا واغتصبوا ونهبوا، وناقضوا قيم الدين والإنسانية..

الميليشيا تحاول تعبئة مقاتليها، وتسويق نفسها لنيل الشرعية..

شيخ مهران: “الصائل” والمعتدي على حقوق الناس في النار..

 

انتشر على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي مقطع ڤيديو يُظهر أربعة من عناصر ميليشيا الدعم السريع وهم يحتضنون داخل سيارة قتالية جثة أحد زملائهم الذي لقي مصرعه في إحدى المعارك بمحور كردفان، وبدت على مُحيَّا منسوبي الميليشيا المتمردة، إمارات غضب شديد وهم يتوعدون القوات المسلحة والقوة المشتركة والقوات المساندة لها من المستنفرين والمقاومة الشعبية وكتائب المجاهدين، بالثأر لزميلهم ” عمر” مرددين: “أن عمر قد نال الشهادة، وقُتل مقبل غير مدبر”، في محاولة لإضفاء طابع ديني على قتالهم.

تساؤلات جوهرية:

والواقع أن حرب الكرامة قد أفرزت عدة سلوكيات لميليشيا الدعم السريع، تتناقض مع أفعالهم الشنيعة، كالتهليل والتكبير في ميادين القتال، واعتبار قتلاهم شهداء، وهو أمرٌ يفتح باباً واسعاً أمام تساؤلات جوهرية: عن مفهوم الشهيد في أدبيات ميليشيا الدعم السريع؟ وكيف يمكن أن تُمنح منزلة الشهادة لمن حوّلوا حياة الأبرياء إلى جحيم، وارتكبوا فظائع تتناقض مع كل القيم الدينية والإنسانية؟ إن إضفاء هذه الصفة المقدسة التي كرّمها الإسلام، وربطها بالدفاع عن الدين والأرض والعرض، على قتلى الميليشيا لا يعدو أن يكون خطاباً إعلامياً تعبوياً مضللاً يتناقض بصورة مباشرة مع جوهر الإسلام وتعاليمه السمحة التي تجرّم العدوان على الأبرياء وتُعلي من قيمة حفظ النفس والكرامة الإنسانية، وبالتالي فإن الميليشيا المتمردة تحاول طمس الواقع ولي عنق الحقيقة، وتبرير الجرائم، وتزييف الوعي الديني والمفاهيم الشرعية، وتحويلها إلى أداة دعائية تخدم أجندة سياسية.

خطاب مزدوج:

ويرى محللون أن ميليشيا الدعم السريع تحاول توظيف خطاب مزدوج، الأول ديني ويستهدف تعبئة المقاتلين في الميدان، والثاني خطاب سياسي يعمل على تسويق ميليشيا آل دقلو الإرهابية المتمردة كقوة مظلومة تسعى إلى نيل الشرعية، بيد أن هذه الاستراتيجية تصطدم برفض شعبي عريض وبحقائق دامغة على الأرض، إذ باتت الميليشيا متورطة في ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة جماعية، وقد وثقَّت هذه الجرائم، كاميرات الميليشيا نفسها، وهو الأمر الذي ينسف أي محاولة لتوظيف الدين في خدمة المشروع العسكري والسياسي لميليشيا الدعم السريع التي انكشفت عورتها أمام المجتمع المحلي، والإقليمي، والدولي.

مزاعم وادعاءات:

ويذهب الداعية الإسلامي الشيخ الدكتور مهران ماهر عثمان خطيب وأمام مسجد الشهيدين بالخرطوم إلى دحض ادعاءات ميليشيا الدعم السريع بتسمية قتلاها شهداء، واستعرض شيخ مهران في إفادته للكرامة نصوصاً شرعية من أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بينها حديث يفرّق بوضوح بين من يُقاتل دفاعاً عن نفسه أو ماله ووصفه بالشهيد، وبين “الصائل” المعتدي على أموال الناس والذي وصفه النبي بأنه في النار، وقال الشيخ مهران إن هذه النصوص تبطل محاولة تكييف من ينهبون ويعتدون ويهتكُّون أعراض الناس على أنهم شهداء، مبيناً أن الرسول صلّ الله عليه وسلم قد فصَّل بين المعتدى عليه والمعتدي، فالذي يُقتل وهو يقاتل دفاعاً عن عرضه وماله ووطنه، فهو شهيد، أما الصائل والمعتدي الذي ينهب الأموال ويريق الدماء فلا يندرج تحت هذه الصفة، وإنما مصيره إلى النار ، بل إن النص جاء صريحاً في وصفه، واعتبر أن من يقومون بهتك الأعراض ونهب الأموال وإراقة الدماء هم مفسدون في الأرض، يجب دفعهم بحسب إجماع العلماء، وتطرق الشيخ إلى حديث آخر من صحيح مسلم ذكر فيه أن من قُتل في سبيل الله وهو صابر محتسب تُكفَّر عنه خطاياه، لكنه لاحظ تحذيراً شرعياً هامّاً: “الشهادة لا تكفر الدين”، أي أن الميت المديون لا تُمحى ديونه بكونه شهيداً، واستثمر الشيخ هذا الحديث ليربطه بوضوح بين مفهوم الشهادة ومسؤوليات الأفراد، مستنكراً وصف من يأخذون أموال الناس بغير حق أو يغتصبون ويعتدون بأنهم شهداء.

خاتمة مهمة:

ومهما يكن من أمر فإن ميليشيا الدعم السريع المتمردة تسعى إلى إضفاء صفة دينية على قتلاها عبر إطلاق لقب “الشهيد” عليهم، وتوظيف هذا الوصف في خطابها الإعلامي والتعبوي، وهي محاولات دعائية لرفع معنويات مقاتليها وكسب تعاطف اجتماعي وديني متجاهلة سجلها المثقل بالجرائم والانتهاكات التي تتنافى مع القيم والتعاليم التي نادى بها الدين الحنيف، والذي عرَّف الشهيد بالذي يُقتل دفاعاً عن نفسه أو دينه، أو عرضه، أو ماله، وميليشيا آل دقلو المتورطة في الجرائم والانتهاكات، على النقيض تماماً من هذه الصفات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

النصر نيوز

المدير العام ورئيس التحرير:     ام النصر محمد حسب الرسول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى