مقالات

رحيل شكاك / حين بكى الشيوعيون سرا .

د.طارق محمد عمر

عبد المجيد النور شكاك هو ابن آسيا شقيقة خالد أحمد مصطفي ، اول سوداني من أصول تركية يجند لصالح اول خلية شيوعية في سنة 1913 .
عبد المجيد شكاك من مواليد 1937 بالتقريب .
لان الولد خال انضم عبد المجيد صبيا الي التنظيم الشيوعي و تدرب و نهل من مكتبة مدرسة الكادر السري .
قطنت عائلة شكاك غرب مدرسة المؤتمر العليا ، كان داكن السمرة بين المربوع و القصير ، رياضي مفتول العضلات واسع العينين ابيضهما ، أسنانه الامامية شديدة البياض كبيرة الحجم ، يستخدم نظارة طبية سميكة و هذا دليل على عظم الاطلاع و له مكتبة كبيرة في منزله ، كثير الابتسام قليل الكلام و مهذب و شجاع .
عبد المجيد ترك الوظيفة العامة ليتفرغ للعمل التنظيمي السري براتب شهري يتقاضاه من خزانة الحزب ، و هذا نهج جميع التنظيمات العقدية .
تدرب على أعمال الأمن و المخابرات و الاستخبار العسكري و تامين الاشخاص و المستندات و المنشآت .
كان مسؤولا عن تأمين رئآسة مقار التنظيم بشارع الأربعين ببانت غرب ، و جميع الدور .
عمل تحت إمرة عبد القادر تمساح مسؤول المكتب العسكري في الحزب الشيوعي .
اهتم بالارشيف الأنقلابي العسكري و كان يخفيه في الأسقف على هيئة لفافات فيما بين مروق الغرف و الرصاص و كنت قد عثرت على بعضه عندما اشتريت الجزء الشمالي من مدرسة الكادر الذي كان مخصصا للطباخة و الخدم .
و في ذلك إشارة إلى أن معظم المحاولات الانقلابية بما فيها مايو قد خططت في مدرسة الكادر السري و ربما في دهليز الضيوف السريين ، و إن عبد المجيد كان على صلة بتلك الانقلابات و انه من اعد و دس الأرشيف الذي عثرت عليه .
بعد اصرار عبد الخالق محجوب على تنفيذ انقلاب عسكري يحكم بموجبه السودان ، تولى عبد المجيد مهمة تجنيد افراد من الجيش لصالح الحزب الشيوعي من مختلف الوحدات العسكرية ، كان له في سلاح الذخيرة فقط نحو 280 كادرا من صف الضباط و الجنود ، و كانت صلته بالضباط عبر الأفراد خشية الكشف الاستخباري .
و معلوم ان الذي يشرف على خلايا الضباط الشيوعيين يكون من الكوادر الشيوعية السرية و يعمل في القطاع المدني ، ذلك للتمويه على اجهزة الأمن .
نجح عبد المجيد شكاك في تجنيد صف و جنود من الاستخبارات العسكرية لصالح الحزب الشيوعي .
تعرض شكاك لاعتقالات كثيرة امضاها في سجن كوبر ، و كان اللواء / ابراهيم حسن خليل زوج بنت خال عبد المجيد هو الذي يصادق على الاعتقالات باعتباره مدير جهاز الامن المخصوص ثم العام ، و سبق له اعتقال ابنه الأكبر المحامي /كمال ابراهيم خليل بتهمة الانتماء للتنظيم الشيوعي .
بعيد تنفيذ انقلاب ثورة مايو و إنشقاق عبد الخالق محجوب ، ناصر عبد القادر تمساح مجموعة معاوية سورج و ايد مجموعة نميري ، فأصبح شكاك مسؤولا عن المكتب العسكري للحزب الذي تتبع له الخلايا الشيوعية في الجيش و طلبة الكلية الحربية الشيوعيين ، و هذا المكتب كان يتبع لعبد الخالق محجوب مباشرة . .
عندما كان عبد الخالق محجوب سكرتير عام الحزب الشيوعي معتقلا في سلاح الذخيرة ، كان شكاك يرسل له احوال الحزب و ينقل توجيهاته بواسطة افراد شيوعيين في سلاح الذخيرة ، و لم يكن شكاك ببعيد عن خطة تهريب عبد الخالق من المعتقل .
كان عبد المجيد يزور قشلاقات العسكر ليلا ليجتمع مع الخلايا الشيوعية تحت ساتر المناسبات الاجتماعية ، يحضر حاملا كيس خبز و خضار و في داخله رزمة من المنشورات يوزعها على الخلايا و يوجه باعادة توزيعها على الضباط في مكاتبهم ، و ينور المجتمعين بأحوال الحزب و قراراته .
لعب عبد المجيد شكاك دورا رئيسا في انقلاب 19 يوليو 1971 الذي قاده المقدم الشيوعي / هاشم العطا.
اعتقل بعد فشل الانقلاب و تم ترحيله إلى سجن شالا او شالى بشمال دار فور وصفي هناك بعد تحقيقات عميقة أجرتها معه إدارة الاستخبارات العسكريةحسب افادة انور ابراهيم خليل شيوعي سابق وابن بنت خال شكاك .
بينما يعتقد بعض الشيوعيين ان عبد المجيد شكاك قد قتل بواسطة جهاز أمن النميري ، و هذا غير صحيح لأن الأمن العام وقتها يتبع للبوليس وينفذ القانون بانضباط و احترافية، و الأمن القومي في طور التكوين .
و البعض يقول : انه انتحر في زنزانه بعد العثور على ورقة مكتوب عليها : انا عبد المجيد النور شكاك بكامل عقلي و طوعي و اختياري ارتدت النجوم الزرق .
بعض الشيوعيين يعزون سبب إعتقال شكاك لوشاية من احد الأفراد المنظمين .
و هنالك من قال إن الإستخبارات العسكرية وجدت اسمه مدونا على أوراق تتعلق بالانقلاب كانت بحوزة المقدم / هاشم العطا .
لكني أرجح ان الشيوعيين الذين ايدوا مايو هم من ارشد إلى مكان شكاك و بقية الشيوعيين الموالين لعبد الخالق
أرى أن عبد المجيد شكاك فشل في إخفاء نفسه و كان عليه أن يتحسب لذلك كونه يحمل أسرار الحزب .
آمل من انساقنا الأمنية الاستفادة من المقال .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الاثنين 9 يونيو 2025 .

النصر نيوز

المدير العام ورئيس التحرير:     ام النصر محمد حسب الرسول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى