
بدأت رحلتي من مدينة بورتسودان، تلك المدينة الساحلية التي تعانق البحر الأحمر ، متجهًا بسيارتي إلى جمهورية مصر العربية وتحديداً إلى مدينة القاهرة، كان لي شرف مرافقة المهندس هشام عبدالرحيم ، الذي شاركني القيادة بروح الفريق، حيث كنا نتبادل كل 100 كيلومتر، مع إستراحات منتظمة لمدة 40 دقيقة تقريباً.
تميّزت الرحلة بجو من الونسة والضحك، خصوصاً في المقاهي المنتشرة على طول الطريق، التي أضافت طابعاً خاصاً وجميلاً على الرحلة.
عبرت معبر أرقين الحدودي، وكانت لحظة العبور بداية لتحوّل في المشهد، إذ بدأت الطرق تمتد أمامي كأنها تحكي حكاية أخرى، دخلت إلى الطريق المؤدي إلى أسوان، حيث إنبهرت بجمال الطرق الإسفلتية المنظمة، المحاطة بالطبيعة التي تمزج بين الجمال الجاف والدفء الجنوبي.
ومن أسوان الجميلة، اتجهت شمالًا نحو القاهرة، سالكاً الطريق الزراعي، ماراً عبر مدن الصعيد، مدينة بعد أخرى الأقصر، ثم قنا، فـأسيوط، والمنيا.
وكانت الرحلة على هذا الطريق أشبه بلوحة تتبدل ألوانها في كل كيلومتر ، فالطرق الأسفلتية كانت ممهدة ومريحة، والخدمات متوفرة على طول المسار، من محطات الوقود إلى الكافيهات الهادئة، التي كانت استراحات منعشة لكل من يبحث عن فنجان قهوة وهدوء الطريق.
والمار عبر الطريق الممتد من أسوان إلى القاهرة، لا يمكنه إلا أن يندهش من روعة البنية التحتية التي تعكس حجم الإهتمام والتخطيط ، الطرق الواسعة النظيفة، والكباري المعلقة، والأنفاق الحديثة التي تختصر المسافات وتزيد من سلاسة التنقل، كلها تشهد بأن هناك دولة تهتم بجدية بمشاريع البنية التحتية.
ليس الأمر مجرد طرق معبّدة، بل هي شبكة متكاملة تخدم المواطنين وتُشجّع الزوّار، وتفتح أبواب الجنوب على الشمال. ومن يتتبع هذا الطريق السياحي يدرك أن هناك رؤية واضحة لتطوير السياحة الداخلية وربط المعالم الحضارية والتاريخية ببعضها البعض بسلاسة ويسر.
إنها ليست مجرد رحلة، بل شهادة حيّة على تطور حكومة وشعب مصر ، يبعث في النفس الطمأنينة والأمل في مستقبل مزدهر
نواصل