تقارير

تصدَّت لحُمى الضنك، وظلَّت تكاياها مفتوحةً للجميع،، سوهندا عبد الوهاب،، ” قِـدْرُ الطعام، وقواريـر العلاج”..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو

وفّرت أكثر من 21 ألف عبوة بندول، وكميات كبيرة من المحاليل الوريدية..

حاربت “تجار الأزمات”، وقدمت العلاجات مجاناً للفقراء والمحتاجين..

ظلت مواقدها متقدةً في الخرطوم، وامتدَّ عطاؤها إلى الفاشر والدلنج.. 

التفاعل المجتمعي مع مبادراتها، اعترافٌ بدورها الإنساني الرائد..

 

تتواصل بأم درمان مبادرة العلاج من حمى الضنك والتي طرحتها الناشطة في العمل الطوعي والإنساني، الأستاذة المحامية والشاعرة والإعلامية سوهندا عبد الوهاب، وتعمل المبادرة المجانية على توفير المحاليل الوريدية وأدوية الحمى الخافضة خاصة دواء “البندول” والرنقر، وتأتي الخطوة بعد أن اجتاحت حمى الضنك أجزاء واسعة من مدينة أم درمان وعدداً من المناطق في العاصمة الخرطوم، في ظل ندرة حقيقية للمحاليل الوريدية في الصيدليات والمستشفيات والمراكز الصحية، حيث ارتفعت أسعارها في السوق السوداء ووصلت أرقاماً فلكية.

تفاعل مجتمعي:

وكعادتها فقد أطلت الأستاذة سوهندا عبد الوهاب كالبدر في الليلة الظلماء، مُطلِقةً عبر صفحتها على منصة فيسبوك مبادرتها المجتمعية لتوفير المحاليل الوريدية والأدوية الخاصة بداء حمى الضنك، فتفاعلت مع المبادرة فئات المجتمع المختلفة، وفي مقدمتها شعبة الاستخبارات العسكرية بمنطقة البحر الأحمر، والمجلس الأعلى للأدوية والسموم، وشركة سواكن فارما بمدينة بورتسودان، بالإضافة إلى شخصيات وطنية، ورموز اجتماعية، وكوكبة من الطلاب والمتطوعين الذين نفروا خفافاً وثقالاً دعماً وإسناداً للمبادرة الإنسانية، ورغم توفر الأموال إلا أن سوهندا واجهت صعوبات كبيرة في شراء الدواء بسبب المضاربات واحتكار بعض تجار الأدوية من المعتادين على “الاستثمار في الأزمات” والذين رفعوا سعر عبوة البندول من 2,300 جنيه، إلى نحو 28 ألف جنيه، الأمر الذي فاقم من معاناة المرضى، فلجأت سوهندا إلى أصدقائها ومعارفها في مدينة بورتسودان والذين تمكنوا من مساعدتها بتوفير أكثر من 21 ألف عبوة بندول، إلى جانب كميات من المحاليل الوريدية، جرى نقلها إلى أم درمان بتكلفة عالية سددتها المبادرة المجانية.

استجابة للأزمة الصحية:

وامتدحت الأستاذة نسيبة حسن السيد التي ساهمت بقدر متعاظم في توفير المحاليل الوريدية والأدوية من مدينة بورتسودان، امتدحت المبادرات الإنسانية التي درجت الأستاذة سوهندا عبد الوهاب على طرحها بالتعاون مع زوجها مصطفى عزالدين الذي ظل يمثل سنداً وداعماً رئيساً لها، وقالت نسيبة في إفادتها للكرامة إن هذه المبادرة تأتي استجابةً عاجلة للأزمة الصحية التي ضربت أم درمان، وتهدف إلى مساندة المرضى من الفقراء والمحتاجين الذين عجزوا عن شراء الأدوية والعلاجات بسبب ارتفاع أسعارها في السوق السوداء، مؤكدة أن الأدوية يتم توزيعها مجاناً عبر تكية الطعام الخاصة بالأستاذة سوهندا، منوهةً إلى تخصيص صيادلة متطوعين لصرف العلاج للمرضى الذين يُثبت الفحص الطبي إصابتهم بحمى الضنك وانخفاض الصفائح الدموية، سواء بحضورهم المباشر أو عبر ممثلين عنهم، وناشدت الأستاذة نسيبة الدولة إلى الالتفات إلى المبادرات الإنسانية التي ظلت تطرحها سوهندا، والتي أثبتت أن العمل الأهلي قادر على إنقاذ الأرواح في قلب الحرب، مبينةً أن دعم جهودها ورعاية أمثالها واجب وطني، فالتكايا التي تطعم الجائع، وتوفّر الدواء للمريض، لا تقل أهميةً عن القتال في المحاور والجبهات المختلفة.

عطاء غير منقطع:

وظلت الأستاذة سوهندا عبد الوهاب، صاحبة التكايا المجانية المعروفة في فضاءات أم درمان، مرابطةً في دارها طوال فترة الحرب، مواصلةً عملها الخيري عبر تكية شارع الوادي التي ما انفكت تقدّم الوجبات اليومية للمواطنين المتأثرين بالحرب، وامتدت أيادي هذه التكايا لتصل إلى المتأثرين بالحصار في فاشر السلطان بشنال دارفور، إضافة إلى الأطفال المحاصرين في مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان، ولم تكتفِ سوهندا بتقديم الوجبات المنتظمة يومياً والتي تستمر حتى ساعات متأخرة من الليل، بل حافظت على مبادرتها التقليدية “وجبة الجمعة” التي ظلت مواقدها متقدةً منذ سنوات، تقوم بتوزيعها على المستشفيات، وفي الأحياء المتضررة، وظل عطاء سوهندا الإنساني ونشاطها الخيري مستمراً حتى خلال جائحة الكوليرا التي ضربت العاصمة الخرطوم، حيث قامت بتوفير وجبات علاجية وتوزيعها مجاناً في المراكز الصحية والمستشفيات، كما لعبت سوهندا أدواراً اجتماعية رائدة ومتعاظمة، شملت إطلاق مشروعات لدعم الأرامل والمطلقات، وتنظيم ثلاث زيجات جماعية للفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة، بجانب تكفّلها بتجهيز المناسبات وإعانة المرضى في الحالات العلاجية الحرجة، ولم تقتصر مبادرات سوهندا عبد الوهاب على المدنيين فحسب، بل شملت أيضاً تقديم وجبات للقوات المسلحة في بعض المواقع والارتكازات بولاية الخرطوم.

خاتمة مهمة:

ومهما يكن من أمر فقد عكست التجربة الإنسانية للأستاذة سوهندا عبد الوهاب، أنها امرأة حديدة، ومثالٌ يحتذى في البر والإحسان والعمل الطوعي الملتزم الذي لم تحدّه الحرب ولا الأزمات، إذ واصلت هي وزوجها جهودهما في صمت وإصرار، لتصبح إحدى الوجوه البارزة في العمل الخيري والاجتماعي داخل أم درمان، فكانت سوهندا عبد الوهاب غيثاً أينما وقع.. نفع.

النصر نيوز

المدير العام ورئيس التحرير:     ام النصر محمد حسب الرسول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى