انتهاك السيادة والغطرسة على السودان،، الربـاعية،، مخاطـر الوصايـة الدولية..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو.

رفض أي محاولة لاستعادة أساليب التدخل الدولي، وفرض حلول فوقية..
بعض القوى الدولية تحاول استخدام الأزمة السودانية مدخلاً لبسط نفوذها..
أبوقردة: الرباعية استخفَّت بسيادتنا الوطنية، وتعاملت معنا كالأطفال..
حراك سياسي ودبلوماسي ينتظر الحكومة لفضح الابتزازات الدولية..
ما يزال صدى البيان الصادر عن الآلية الرباعية المكونة من (الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، السعودية، والإمارات)، يتردد في الأوساط السودانية الرسمية والشعبية، مخلِّفاً موجةً متلاطمةً من الاستياء والاستنكار، عطفاً على ما تضمنه البيان من مفاهيم اُعتبرت تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي السوداني، ومحاولةً لإملاء أجندة خارجية تتجاوز الإرادة الوطنية، حيث جاء بيان الآلية الرباعية في وقت تمر فيه البلاد بظروف استثنائية، ومع ذلك تضمن في طياته لغة استعلائية وُصفت الوصاية والغطرسة الدولية التي تتنافى مع مبادئ السيادة والاستقلال.
وصاية دولية:
ووفقاً لمراقبين فإن نزعة الوصاية الدولية كانت واضحة بين ثنايا بيان الآلية الرباعية التي بدا وكأنها تريد تنصيب نفسها وصياً على السودان، متجاهلةً حقيقة ما تمتلكه البلاد من مؤسسات رسمية، وجيش وطني، وحكومة مدنية مخولة بسيادتها الوطنية اتخاذ القرارات المصيرية، لقد كان بيان الرباعية بمثابة استعادة السيرة الأولى لأساليب التدخل الدولي الذي يفرض حلولاً فوقية، دون اعتبار للواقع المحلي وتعقيداته، ودون أي احترام لتطلعات الشعب السوداني، حيث لم تكتفِ الآلية الرباعية بمجرد الدعوة إلى استئناف مسار سياسي، بل تجاوزت حدودها بطرح رؤى أقرب إلى فرض حلول جاهزة، ما يشكل انتهاكاً مباشراً للسيادة السودانية.
غطرسة واستعلاء:
وبإجماع مراقبين فإن الآلية الرباعية صاغت خطابها بلغة استعلائية تطغى عليها مضامين الغالب والمهيمن، وهو ما ينسجم مع محاولات بعض القوى الدولية استخدام الأزمة السودانية كمدخل لبسط نفوذها، والسيطرة على مفاصل القرار السياسي والاقتصادي، وبالتالي فإن هذه الغطرسة الدولية تعكس سعي قوى أجنبية تحت ستار ” الانتقال السياسي” إلى استغلال موقع السودان الاستراتيجي وما يتمتع به من ثروات بشرية وطبيعية ضخمة، مثل ما تفعل الإمارات الضالعة بشكل مباشر في الحرب المشتعلة في السودان عبر تمويل وتسليح ميليشيا الدعم السريع، وهو ما يُسقِط عنها أي أهلية أخلاقية أو سياسية للحديث عن مستقبل السودان، ويجعل مشاركتها في الآلية نوعاً من التناقض الفجّ.
حراك مطلوب:
ويقول لسان الواقع إن أي معالجة للوضع السياسي أو الأمني في السودان، ينبغي أن تنبع من الداخل، بعيداً عن الضغوط والابتزازات الدولية التي كثيراً ما ترتبط بمصالح إقليمية ودولية متشابكة، وبالتالي فإن الدور المنتظر من الحكومة السودانية هو الرفض القاطع لأي محاولة لتجاوز السيادة الوطنية، والتصدي بحزم لمخرجات اجتماع الآلية الرباعية، وتفعيل الدبلوماسية السودانية عبر حشد دعم المنظمات الإقليمية المتمثلة في الاتحاد الأفريقي، والإيغاد، والجامعة العربية لرفض أي شكل من أشكال الوصاية الدولية، والحرص على التواصل المباشر مع المجتمع الدولي لتوضيح أن السودان ليس ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات أو تمرير المصالح الأجنبية، مع ضرورة التأكيد على أن أي حلول سياسية أو أمنية يجب أن تكون صناعة سودانية خالصة، تعكس إرادة المواطنين وتحافظ على وحدة البلاد واستقرارها.
رفض منطقي:
ويجدد رئيس تحالف سودان العدالة ( تسع)، بحر إدريس أبو قردة الرفض القاطع والمبدئي للآلية الرباعية وأي دور لها في الشأن السوداني، وقال أبو قردة في إفادته للكرامة إن هذا الرفض ينبع من حقيقة أساسية لا تقبل التجاهل تكمن في أن أحد أطراف هذه الآلية هي دولة الإمارات، التي كان لها دور مباشر في إراقة دماء السودانيين، مبيناً أن بيان الآلية الرباعية جاء في قالب ينمّ عن استخفاف بالسيادة الوطنية، وكأنه يتعامل مع الشعب السوداني كأطفال يجب أن يُعلَّموا كيف يتصرفون ويقررون لمصلحتهم، منوهاً إلى أن مثل هذا الموقف مرفوض، ولا يليق بدولة ذات تاريخ ومكانة كما هو السودان، كما أن ما تضمنه البيان من معالجات ومسارات يتناقض مع القوانين والأعراف الدولية ويخفف من المسؤولية عن الجهات التي ألحقت بالشعب السوداني الأذى، وزاد: “نمط هذا التدخل يعكس تجاهلاً لصوت السودانيين ولقناعتهم بأن قرار مستقبل السودان لا بد أن ينبع من داخل السودان ومن مؤسساته الشرعية”، وأهاب أبو قردة بالحكومة السودانية وكل القوى الوطنية أن ترفض مخرجات هذه الآلية وأن تعمل على حماية سيادة البلاد والحفاظ على حقها في تقرير مصيرها دون وصاية أو تدخّل خارجي.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر، فإن بيان الآلية الرباعية لا يمثل سوى حلقة جديدة من مسلسل محاولات التدخل الأجنبي في شؤون البلاد، بيد أن السودان قادر على إفشال مثل هذه المخططات من خلال وعي مواطنيه، وصلابة مؤسسته العسكرية، وإصرار حكومته على حماية استقلال البلاد ووحدتها، ورفض أي محاولة لفرض الوصاية الدولية أو ممارسة الغطرسة السياسية على السودان، الذي سيظل عصياً على التبعية والتفريط في سيادته الوطنية.