
فشلت الرباعية، وسقطت حكومة (الطين والخبوب) ! ، لا لأنها لم تجد الفرصة، بل لأنها لم تجد في قلبها ذرة صدق، ماتت في اللحظة ذاتها التي خرجت فيها للناس أمام الكاميرات… كاميرات خُدعت بفلاتر التصنع، لكن الحقيقة كانت أعرى من أن تُخفى، وحين نطقوا، فضحهم الصوت قبل الصورة، فهم من قماش المتنبي حين قال: (إذا ظهر الحمار بزيّ خيل، إنكشف أمره عند النهيق)!
واليوم… وبعد أن طردتهم البنادق من مدنٍ دنّسوها، وعرتهم صرخات الضحايا، يعودون من نوافذ الخراب، يرتدون ثوبًا باليًا، إسمه: “أرضاً سلاح”.
يطلبون منّا أن نضع البندقية، وهم من وضع الوطن تحت أقدام الميليشيا،
يريدون إخماد صوت الرصاص، الرصاص ذاته الذي طردهم من سنجة، ومن ودالنورة، ومن الهلالية ومن ام روابة، ومن قلب (مدني) التي كانت عروسًا تبتسم كل حين لداخليها … فمزقوا ثوبها، وأغرقوها بالدم
“أرضاً سلاح”؟
قولوا ذلك لأمٍ فقأت الحرب قلبها برصاصة غدر ،
قولوا ذلك لشيخٍ نزف عمره وهو ينظر إلى منزله المدكوك يصبح حطامًا أمام عينيه
قولوا ذلك لفتاةٍ تحمل صورة أبيها الشهيد، وتنتظر عدالة لن تأتي منكم
“أرضاً سلاح”؟
لا تُقال لمن إحترق قلبه على وطن، بل لمن احترق جيبه من أجل الكرسي
لا تُقال لمن فقد بيته، بل لمن باع البيت،
لا تُقال لمن استباح دمه، بل لمن وقّع بالأحرف الأولى على صك الخيانة
الشعب السوداني لم يعد ذاك الشعب الذي يُلدغ مرتين.
فهم الدرس جيدًا، قرأ الخيانة سطرًا سطرًا، وشاهد كيف تُسرق المدن وتُحرق الأسواق وتُغتصب القرى، تحت عين العالم ويد الصمت
“أرضاً سلاح” لا تكون إلا حين يسقط آخر جنجويدي، وآخر خائن، وآخر مندوب سياسي يدّعي الوطنية وهو يحمل جواز الخيانة في جيبه
لا سلام يُكتب فوق الدم، ولا وطن يُبنى على المقابر، ولا عدالة تأتي من فم خائن
والآن… حين تتكلمون عن السلم، ما نسمعه ليس نداء وطن، بل ضجيج براميل فارغة… تتدحرج على طرقات الفقد، تحدث ضوضاءً بلا مضمون، وتستفز الذاكرة التي لم تنسَ، ولن تنسى
إني من منصتي أنظر….حيث أري… أن الشعب الذي صبر… لن يساوم،
الشعب الذي طُعن… لن يُخدر والذين باعوا لن يُشتروا مرة أخرى… حتى ولو غيروا أقنعتهم كل صباح.