
في يوم 19 يوليو 1971 و بتدبير من الحزب الشيوعي السوداني جناح عبد الخالق محجوب سكرتير عام الحزب المنشق ، وقع انقلاب عسكري قاده الرائد متقاعد/ هاشم العطا ، وقد أخذت عليه كثير من الملاحظات الأمنية .
و برغم كانت ساعة الصفر 3 عصرا واعتقال قادة مايو دقيقا ومفاجئا للجميع ، عدا المخابرات الأمريكية والبريطانية مدبرتا الانقلاب من وراء حجب .
واضح ان هنري كورييل أستاذ عبد الخالق في الشيوعية والاشتراكية نسي ان يعلمه اسس الأمن والمخابرات وهي ضرورية لكل قائد سياسي .
لم يكتشف عبد الخالق ان مسؤول أمن الحزب جاسوس يعمل لصالح المخابرات البريطانية .
وان تنبيهات بعض أعضاء اللجنة المركزية له بأن( ع ) عميل أمريكي كانت صادقة ، واغلب الناصحين كانوا على خبرة و دراية بعمل الأمن .
لم يكتشف الحزب الشيوعي ان تنظيم الضباط الاحرار السوداني صناعة استخبارات عسكرية مصرية ، وان مصر وقتها تحت حكم ضباط ثورة يوليو 1952 الذين جاءت بهم المخابرات الأمريكية لاختراق الاتحاد السوفيتي ولمآرب أخرى .
لم يتصور عبد الخالق ورفاقه انه مستدرج نحو فخ يستأصل جذريا قيادة الحزب الشيوعي .
المخابرات البريطانية من خلال سفارة لندن لدى الخرطوم كانت تراقب وترصد بدقة تحركات عبد الخالق والانقلابيين .
رئيس جهاز الامن القومي الرائد/ مامون عوض ابوزيد كان يزود مندوب المخابرات الأمريكية بالتقارير الأمنية سرا ، ومايو شيوعية حمراء ، فلم يفطن لذلك الحزب الشيوعي واجهزته الأمنية.
سفر المقدم / بابكر النور والرائد / فاروق حمد الله إلى لندن للعلاج والدراسة في الظاهر والتمويه على النميري في الباطن لم يكن موفقا لأن المخابرات البريطانية راقبتهما في جميع أحوالهما، إضافة إلى أن العميل الأمريكي( ع ) لحق بهما وعلم الكثير عن مشروع الانقلاب .
الانقلابيون قطعوا الاتصالات الهاتفية مع الخارج لكنهم لم ينتبهوا إلى وجود أجهزة اتصال لاسلكية في السفارات الغربية ، ولدى القوات المصرية المعسكرة في جبل أولياء، وعبر هذا الجهاز تواصل اللواء/ خالد حسن عباس وزير الدفاع المتواجد وقتها في القاهرة ، تواصل مع مناصري ثورة مايو من ضباط وافراد فاجهضوا الانقلاب .
الشيوعيون الذين انشقوا عن عبد الخالق محجوب وايدوا النميري لعبوا دورا مهما في كشف تحركات الانقلابيين والحزب .
استعداء العسكريين والامنيين المناصرين لمايو افتقر إلى الحكمة الأمنية .
على الرغم من سيطرة ضباط الانقلاب على مطار الخرطوم الا ان المخابرات الحربية المصرية استطاعت إحضار ابر دبابات بديلة للابر التي نزعها الانقلابيون ، رفقة الشيوعي المصري المدجن حمروش .
تدابير الانقلاب خلت من خطة لإخفاء او تهريب عبد الخالق محجوب حال فشل الانقلاب .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم 19 يوليو 2025 .