
بعد ظهوره في مؤتمر نايروبي هاتفتني إحدى موظفاتي قائلة : هل تذكر في نهايات تسعينيات القرن الماضي انك قلت لإبراهيم الميرغني أخشى أن تتنكب الطريق و نخون وطنك ؟ لقد كنت انصت لحديثكما ، لقد صدق حدسك و خان الوطن .
كنت حينها و كيلا لشركة موبيتل للاتصالات قبالة مسجد أبوبكر الصديق بالخرطوم بحري ، كان ابراهيم الميرغني يتردد على مركزي في إجازاته السنوية لإجراء محادثات هاتفية ، و هو إذ ذاك طالب بإحدى الجامعات المصرية .
و لمن لايعرف ابراهيم الميرغني فهو ابن الطبيب الجراح احمد الميرغني ، ابن عم السيد /محمد عثمان الميرغني ، والده بعيد عن ميدان السياسة فهو بين المنزل و العيادة و غرفة العمليات و المسجد ، متدين متواضع زاهد مهذب و خدوم .
ملاحظتي على ابراهيم و هو طالب جامعي ، الطموح الزائد و الجموح العنيد نحو الزعامة و هو لها غير اهل ، فهو ليس بشقيق لجعفر و الحسن أبناء السيد / محمد عثمان الميرغني و ولياء عهده .
كما أنه لايرى الائتمار بأوامر الميرغني و الانتهاء بنواهيه ضرورة و وسيلة لارتقائه .
أضف إلى ذلك انه إذ ذاك طالب جامعي في منتصف الطريق و لاخبرة له في السياسة و الحياة العامة و محدود الثقافة .
حذرته من عملاء و جواسيس المخابرات الأجنبية داخل الحزب ، و الاختراق الشيوعي .
فالحزب الاتحادي مثله مثل حزب الأمة و بقية الأحزاب لايخلو من إختراق .
بعد تخرجه من الجامعة لم التقه لكني تابعت نشاطه من خلال وسائل الإعلام حتى تعيينه وزيرا في عهد البشير .
بعد الإطاحة بحكم البشير إنقلب إبراهيم على العهد الذي أكرمه دون استحقاق ، و شرد خيرة بنيه ليفتح له و لامثاله المجال و صار من المعادين للحركة الاسلامية و تقرب إلى قحت ، و لم ينل شيئا .
في اجتماعات نايروبي ظهر بالجلابية و العمامة متل إمام الصلاة في موضع لاتجوز فيه الصلاة .
اول من انتقد ظهوره مع قحت في نايروبي كان الميرغني وابنيه و قد اجمعوا على انه لايمثلهم إنما يمثل نفسه.
اليوم حاله كحال إبن نوح إذ قال لأبيه : سآوي إلى جبل يعصمني من الماء ، قال : لاعاصم اليوم من امر الله .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الاثنين 19 مايو 2025 .