
اسماعيل الازهري تخرج في قسم الرياضيات بالجامعة الامريكية في العاصمة اللبنانية بيروت .
و لبنان احد أبرز معاقل الاستعمار الفرنسي ، و فرنسا ام الثورات في العالم ، و الراجح ان المنظمات الثورية السرية الفرنسية هي من زينت له فكرة الثورة ضد المستعمر البريطاني في السودان ، لعداء تاريخي قديم بين باريس و لندن .
فرنسا هي مؤسسة نظام الخديوي/ محمد علي باشا في مصر عام 1805 لقطع الطريق على التمدد الاستعماري البريطاني ، و هذا النظام هو من دعا الازهري سرا للتدريب الاستخباري و السياسي في القاهرة تحت غطاء دراسة الحقوق ، ذلك في عهد الملك فاروق .
في القاهرة التقى الزعيم الازهري الشيخ / حسن البنا مرشد الاخوان المسلمون بترتيب من الحكومة المصرية حيث أبدى إعجابه بالجماعة فكرا و تنظيما ، و هذه الجماعة استمدت فكرها من الحركة الإسلامية التي اسسها جمال الدين الافغاني عام 1894 في العاصمة الفرنسية باريس ، للنيل من بريطانيا العظمى التي اطاحت بحكومته في افغانستان .
عاد الازهري إلى السودان و اسس جهازا أمنيا خاصا بتنظيمه، و كون من ادارات للأمن الداخلي و مكافحة التجسس و المخابرات الخارجية ، على نسق المدرسة الامنية السوفيتية التي اسست في عهد الثورة الشيوعية البلشفية سنة 1917 بقيادة لينين ، و وفقا للمدرسة الشرقية يكون الانتشار الأمني افقيا و تفصيليا لايترك شاردة و لا واردة الا يحصيها ، و فرنسا بواسطة يهودها و منظماتها الثورية السرية هي من ساعدت على تفجير ثورة لينين الشيوعية في بطرسبيرج نكاية في الامبراطورية البريطانية .
من أهم إنجازات الازهري على المستوى الأمني هو كسبه للرائد وقتها / ابراهيم حسن خليل نائب مدير جهاز الأمن( الفرع المخصوص ) منذ أواخر اربعيتيات القرن الماضي فكشف له كل مخططات و نوايا المستعمر البريطاني مما ساعد على نجاح الثورة و نيل الاستقلال .
و إبراهيم هو ابن المجاهد/ حسن خليل احد جرحى و اسرى معركة كرري 1898 ، و الثورة المهدية صناعة فرنسية كانت مهمتها طرد الوجود البريطاني من السودان .
و إبراهيم خليل اطلق عليه الشيوعيون لقب ابراهيم بابيونة ، لأنه كثيرا ما استخدم ربطة العنق الفرنسية ( بابيون ) ، و قد نال تدريبا أمنيا في باريس ، و كان يجيد اللغة الفرنسية .
انحياز الازهري للاستقلال عوضا عن الاتحاد مع مصر في عهد عبد الناصر ، يعود إلى اكتشافه او إبلاغه بواسطة حكومة او مخابرات الملك /فاروق الذي انقلبت عليه ثورة 1952 انها ثورة أمريكية في جوهرها اشتراكية في مظهرها .
ان رفض الازهري المعونة الأمريكية ووصفه لها بالاستعنار الجديد الذي يريد التسلل من الشباك بعد طرده من الباب ، يشير إلى عمق العداء الفرتسي لكل ماهو بريطاني ، و بريطانيا هي من أسست أميركا .
انضمام للسودان لمجموعة عدم الانحياز عوضا عن مجموعة دول الكومونولث التي تقودها بريطانيا يستشف منه و قوف فرنسا خلف القرار .
ارجح ان الازهري مثل المهدي لم يكن يعلم و قوف فرنسا خلف حراك الاستقلال ،و لو علم لسخره في مقاومة التغلقل الاستخباري البريطاني الامريكي في السودان و ربما انضم لكتلة الفرانكفون المسنودة فرنسيا .
و لكن هيهات ان يعود ذا الزمن .
ثم ضاع الأمس مني و انطوت في القلب حسرة .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الثلاثاء 18 فبراير 2025 .