
من المهام المهمة التي يجب أن تنجز خلال الفترة الانتقالية هي مسألة وضع ثوابت الدستور. ولعل تجاربنا في السودان تجعل خارطة الطريق لتلك الثوابت واضحة المعالم حيث أن تجاوزها أدى الي صراعات وعدم استقرار في البلاد ومن أمثلة ذلك محاولة البعض إنكار هوية أهل السودان الإسلامية أو حق القوات المسلحة في تطوير نفسها وتنمية اموالها وهي حامية حمى الوطن وكذلك نحتاج لايجاد ثوابت في الدستور الدائم لمعالجة حالات الاضطراب السياسي ونحتاج أن نعتبر بأن ترك الامور القومية لقرار فرد واحد لها تأثير علي الامن القومي .ومن هذا المنطلق اريد أن ادلو بدلوي في هذا الأمر المهم ليكون نواة لمزيد من الكتابة والتشاور حوله والله ولي التوفيق. وفي ذلك الشأن أقول أن الدستور هو أعلي قانون في الدولة . ولا يجوز مخالفة المبادئ والنصوص التي نص عليها الدستور . ومن المبادئ المعروفة في علم صناعة الدستور قاعدة ( سمو الدستور ) حيث أن أحكامه يجب أن لا يخالفها أي قانون اخر والا كان باطلا سواء كان ذلك نصا او قانونا . ونحن في السودان منذ الاستقلال مررنا بعدد من التجارب الدستورية . وكالعادة تتأثر هذه الدساتير بالامور السياسية وتوجهات بعض الأحزاب . وللاسف بعض هذه الدساتير لا سند لها ولا علاقة لها بالفقه الدستوري مثل تلك الوثيقة المسماة بالوثيقة الدستورية التي يحكم بها السودان الان حيث أنها تفتقر لكل مقومات الدستور فمن حيث الشكل هذه الوثيقة وقعها طرفان أحدهما سمي نفسه ( قوي الحرية والتغيير ) وهذا الاسم جسم غير قانوني لانه غير مسجل ضمن أي جسم من الاجسام التي تنظمها القوانين المختصة حتي تكون له شخصية اعتبارية مسجلة وذمة مالية وأهلية للمساءلة او يقاضي غيره كما أنه جسم غير منتخب وغير ذلك من الماخذ القانونية التي تؤخذ عليه ولهذه الاسباب وغيرها تفتقر الوثيقة الدستورية الحالية للسند القانوني الذي يكسبها المشروعية لتكون أساسا يبني عليه غيره من القوانين والأحكام والقرارات ويجوز الطعن فيها دستوريا. وحيث أننا في ظل وضع انتقالي ومن أهم المهام التي يجب أن يضلع بها القائمون علي أمر هذه الفترة هي ارساء ثوابت في كل مجال تكون هي الحد الأدني المطلوب أو الأساس الذي يبني عليه غيره . فيجب أن تنصب مهمة الفترة الانتقالية في وضع ثوابت في مجال الدستور بوضع ثوابته التي تراعي ثوابت الشعب وقيمه وعاداته وحماية ثروات السودان وممتلكاته وفي مجال الاقتصاد بايجاد سياسات تحمي بنية الوطن وثرواته من التأكل ووضع ما يحافظ علي ثرواته .وصياغة قانون الانتخابات وقانون تسجيل الاحزاب السياسية . وفي مجال الدستور أري أننا في أمس الحاجة لعدد من الثوابت المهمة التي يجب أن تكون جزءا من أي دستور وهي ثوابت دائمة لحماية الوطن وموارده وأري ضرورة أن يكون من هذه الثوابت الاتي : :_
(1) مرجعية الشريعة الإسلامية أساسا للتشريعات مع مراعاة حقوق أصحاب الدينات الاخري .
(2) أن يكون هناك مجلس للأمن القومي تحدد عضويته ومهم جدا ان يكون القرار فيه جماعيا وينظم بقانون خاص .. وتأتي أهمية هذا المجلس أن تجاربنا علمتنا ان القرار عند رجل واحد أو جهة واحدة دائما يدخل السودان في متاهات ويكون سهل الاختراق وأرض خصبة للاختراق الخارجي وأجنداته . (3) نصوص تعالج كيفية التعامل مع الفترات الانتقالية في حالات الاضطرابات السياسية وينظم ذلك بقانون .
(4) نحتاج في ثوابت الدستور وجود نصوص ملزمة بالاتي ؛
أ_ حق القوات المسلحة في استثمار أموالها .
ب_ حق القوات المسلحة بأن يكون تمثيل في البرلمان وخصوصية في الطرح واولوية فيما تراه مهما للامن القومي وينظم ذلك بقانون .
(5) منع ارسال قوات سودانيه للخارج الا بموافقة البرلمان وينظم ذلك بقانون .
(6) تقييد الاستثمارات الاجنبية بموافقة البرلمان بما يحقق المصلحة الوطنية وان يكون الاستثمار لمدة زمنية محددة وينظم ذلك بقانون . ( يشمل ذلك الثروات المائية وفي باطن الارض والقواعد العسكرية والموانئ )
(7) عدم دخول المنظمات الاجنبية للعمل داخل السودان الا بموافقة البرلمان ويشترط للموافقة بيان مواردها واوجه صرفها ولا يتعارض ذلك مع المصلحة الوطنية ولا يؤثر علي الاقتصاد الكلي للدولة .
( 8) عدم توقيع أي اتفاقية خارجية مع أي دولة الا بعد عرضها علي البرلمان وموافقته علي ذلك .
ونواصل باذن الله تعالى .