مقالات

د. مزمل أبو القاسم يكتب: أكذوبة الرصاصة الأولى.. آخر تحديث!

 

* الحرب لا تُشن برصاصة واحدة، والتحضير لها لا يتم بين يوم وليلة، ولا بين عشية وضحاها،وقد سعى المتمردون وحلفاؤهم السياسيون لترسيخ أكذوبة ساذجة، وفرية كبرى، مفادها أن عناصر من الجيش (تنتمي إلى الحركة الإسلامية) هي التي أشعلت فتيل الحرب وابتدرتها بإطلاق النار على قوات المليشيا الموجودة في منطقة المدينة الرياضية وأرض المعسكرات صبيحة يوم السبت الموافق 15 أبريل 2023 ولتفنيد تلك الفرية نذكر ما يلي:
* 1/ لا جدال على أن الجيش لم يكن جاهزاً للحرب وبالتالي يستحيل عملياً أن يتورط في حرب لم يجهز نفسه له، والدليل على ذلك أن نسبة الاستعداد فيه كانت عادية وانحصرت يوم 15 أبريل في 30‎%‎ فقط، وداخل مباني القيادة العامة كانت القوة الموجودة محصورة في كتيبة واحدة، تضم بعضاً من الكتبة المسئولين عن الشئون الإدارية والمالية، وعلى خلاف ذلك فإن تحضيرات المتمردين للحرب وحشدهم للجنود والعتاد العسكري لم تبدأ في شهر أبريل من العام المنصرم، بل إن الخرطوم سقطت فعلياً وعملياً في يد قوات حميدt في اليوم ذاته الذي سقطت فيه حكومة الإنقاذ، أي يوم 11 أبريل 2019، إذ انتشرت المليشيا يومها في كل أرجاء العاصمة، ونشرت قواتها في محيط القيادة العامة وداخلها، كما دخلت القصر الجمهوري ووضعت تاتشراتها داخل حوش القصر (بوجود لواء كامل للحرس الجمهوري)، وأحاطت بمباني الإذاعة والتلفزيون ومطار الخرطوم وانتشرت في كل المناطق الحيوية بالعاصمة، ووضعت يدها على جانب كبير من معسكر سلاح المظلات بالخرطوم بحري، واستولت على معظم مقار حزب المؤتمر الوطني بما فيها المركز الرئيسي المواجه لمطار الخرطوم، ولاحقاً استولت على كل معسكرات قوات هيئة العمليات بعد حلها (في كافوري وجنوب المطار وسوبا وأم درمان)، وشيدت (18) معسكراً داخل العاصمة وفي محيطها، وكان أضخمها وأشهرها معسكر طيبة، ومعسكر جبل سركاب، ومعسكر القطينة وغيرها.
* 2/ أما تحضيرات قادة المليشيا للحرب في الفترة التي سبقتها فقد كانت واضحة لكل ذي عينين، حيث حشدوا عشرات الآلاف من الجنود داخل العاصمة، وأبرموا اتفاقاً مع وزيرة الشباب والرياضة (السابقة) هزار عبد الرسول في التاسع والعشرين من شهر مارس 2023، استأجروا بموجبه مباني أرض المعسكرات لاستخدامها كمعسكرات لآلاف الجنود، وقد أنكرت الوزيرة ذلك الاتفاق ابتداءً، لكن صورة العقد تسربت إلى وسائل الإعلام، فاضطرت إلى الاعتراف به لاحقاً، وذكرت في تصريح رسمي ما يلي: (كشفت وزيرة الشباب والرياضة هزار عبد الرسول عن اتصال تم مع مستشار نائب رئيس مجلس السيادة طلب فيه أن يكون هناك منطقة محددة تابعة للدعm الsريع بمدينة الشباب والرياضة بسوبا، وأضافت هزار خلال حديثها في المنبر الأسبوعي الذي تنظمه وزارة الإعلام أن مدينة الشباب تتبع لوزارة الشباب والرياضة ويشرف عليها الوزير وتتم فيها استضافة كل مناشط الوزارة وأيضاً مناشط من خارج السودان، موضحة أن بها قيمة إيجار لتسيير العمل داخل المدينة ويتم فيها إقامة المعسكرات لكل المناشط الرياضية، ونفت الوزيرة هزار أن تكون هذه المقار هي مقرات سكنية تتبع للدعm الsريع، مؤكدة أن مدينة الشباب والرياضة للأنشطة الرياضية وليست أماكن سكنية).. وبكل تأكيد لا يمكن النظر إلى حشد أكثر من عشرة آلاف جندي داخل مبانٍ رياضية وفي منطقة مخصصة لمعسكرات الرياضيين بالخرطوم بعين بريئة، ومن دون أن يتم ربط ذلك الأمر بما تلاه بعد زهاء أسبوعين فقط، حينما تحولت تلك المعسكرات والمنشآت الرياضية إلى أكبر وكر للمتمردين الذين حشدوا مئات التاتشرات علاوة على كميات هائلة من الذخائر والأسلحة والوقود والتعيينات داخل أرض المعسكرات للاستفادة من مبانيها الحصينة لتجنب هجمات الطيران.
* 3/ سبق ذلك كله تمرد شهير لنائب قائد المليشيا، الذي هدد قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة؛ سعادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، في مخاطبة شهيرة تمت في قاعة الصداقة يوم 29 مارس 2023، أمام حشد ضخم من أبناء قبيلة المسيرية عندما قال له بالحرف الواحد: (عندنا رسالة لإخوانا في السلطة.. سلموا السلطة بدون لف ولا دوران)؛ وأعتبر كثيرون تحدي ضابط في قوة نظامية لقيادة الدولة والجيش ومطالبته لها بتسليم السلطة بمثابة انقلاب حقيقي وتمرد معلن، لأن الضباط غير مخولين بانتقاد قادتهم ولا بتهديدهم.
* 4/ إذا تغاضينا عن كل ما حدث قبل شهر أبريل 2023، وركزنا على الأحداث التي وقعت في الشهر المذكور سنوضح أن المليشيا أقدمت يوم 12 أبريل على احتلال مطاري مروي والأبيض، عندما حركت قوة ضخمة قوامها مئات التاتشرات من الخرطوم إلى مروي أولاً، من دون سابق إخطار للجيش وبلا تنسيق معه، كما حاصرت مطار الأبيض في اليوم نفسه، ووضعت تاتشراتها في مدرج المطار لمنع استخدامه بواسطة مقاتلات سلاح الطيران السوداني، قبل أن تهاجم وتحتل المطارين صبيحة يوم 15 أبريل، وتدمر أربع مقاتلات كانت مرابطة في مطار الأبيض، وأربع طائرات مصرية وثلاث طائرات سودانية كانت موجودة في مطار مروي.
* 5/ في الثامن من شهر أبريل 2023 أقدمت المليشيا على تحريك (54) قطعة مدرعات مملوكة لها من قاعدتها العسكرية في منطقة الزُرق بجنوب دارفور باتجاه الخرطوم، ووصلت تلك المدرعات ودخلت العاصمة على رؤوس الأشهاد (عبر كوبري الفتيحاب) ظهر يوم 13 أبريل، وشاهدها الآلاف، وتوجهت من فورها إلى جنوب الخرطوم، حيث رابط بعضها في المدينة الرياضية وأرض المعسكرات، وتم وضع البعض الآخر في معسكر طيبة، ومناطق أخرى في الخرطوم، وتم استخدام جزء من تلك المدرعات في الهجوم على مباني القيادة العامة صبيحة يوم 15 أبريل، بعد كسر الحائط الذي يفصل منزل قائد التمرد عن منزل قائد الجيش ببوكلن، تم إدخاله إلى منزل قائد المليشيا خصيصاً قبل عدة أيام من موعد اندلاع الحرب.
* وفي فجر يوم 15 أبريل أقدم المتمردون على أسر المئات من ضباط الجيش وهم في طريقهم لمواقع عملهم بالخرطوم، كما هاجموا مدرسة الاستخبارات بعد كسر الحائط الذي يفصلها عن مقر المليشيا جنوب مطار الخرطوم (قيادة هيئة العمليات سابقاً) واعتقل المتمردون قائد مدرسة الاستخبارات (برتبة لواء) وعشرات الضباط، كما تم أسر المفتش العام للجيش (الفريق الركن مبارك كُتي) من داخل منزله في حي المطار، فهل يعقل أن يبتدر الجيش الحرب ضد المليشيا ولا يخطر مفتشه العام وكبار ضباطه بها ولا يحاول تأمينهم لمنع المتمردين من اعتقالهم بكل سهولة؟
* 6/ صبيحة يوم 15 أبريل وبالتحديد قبل صلاة الفجر (قبل الرابعة صباحاً)، أقدم بعض الشباب على نشر مقطع فيديو وثقوا به لبداية انتشار قوات المليشيا في جنوب الخرطوم، وظهر صوت آذان الفجر مسموعاً بوضوح في ذلك الفيديو الذي امتد أكثر من 11 دقيقة وظهرت فيه أكثر من 100 عربة تاتشر محملة بالجنود ومدججة بمختلف أنواع الأسلحة والمعينات الحربية وهي تنتشر في الخرطوم فجراً، أي قبل موعد انطلاق الرصاصة المدعومة بعدة ساعات، والفيديو ما زال منشوراً بموقع يوتيوب حتى اللحظة.
* 7/ كذلك نشر جنود من التمرد مقطع فيديو آخر يوضح سيطرتهم قواتهم على منطق قلب الخرطوم تمهيداً للهجوم على القيادة العامة قبل شروق شمس يوم 15 أبريل، وظهر في الفيديو أن الشمس لم تكن أشرقت بعد عندما انتشرت المئات من تاتشرات المليشيا في شوارع القصر والجمهورية والبلدية والنيل، استعداداً للهجوم على القيادة العامة للجيش، كذلك ظهر قائد التمرد في فيديو آخر فجر يوم 15 أبريل بعد أن احتلت قواته القصر الجمهوري وغدرت بالقوة التي كانت موجودة فيه.
* 8/ في الأيام الأولى للحرب نشر المتمردون مقطعاً مصوراً ظهر فيه المتمرد عمر جبريل (أحد أبرز الأبواق الإعلامية للمليشيا)، بمعية عدد من ضباط الجيش الأسرى، الذين عرفوا أنفسهم بأنفسهم، وكان من بينهم العميد الركن مأمون محمد أحمد قائد اللواء الآلي مدرع الباقير، الذي ذكر في الفيديو بوضوح لا لبس فيه أنهم تعرضوا للأسر يوم (14 أبريل) ذلك يعني أن المتمردين احتلوا حامية الباقير وأسروا قائدها وثلاثة من ضباطها قبل انطلاق الرصاصة الأولى بيوم كامل.
* 9/ الهجوم الذي شنه المتمردون صبيحة يوم 15 أبريل 2023، لم يقتصر على مباني القيادة العامة، بل تزامن مع سلسلة هجمات شاملة ومنسقة بعناية تمت على سلاح الإشارة، سلاح المهندسين، سلاح المدرعات، قاعدة وادي سيدنا الجوية، مطار مروي، مطار الأبيض، حامية الهجانة الأبيض، حامية زالنجي، حامية بابنوسة، وكذلك تم الهجوم على معسكرات الجيش في مدن كبكابية وكتم والفولة وعدد كبير من مدن دارفور، كذلك بادر المتمردون باحتلال مقرات التصنيع الحربي في الباقير وكافوري ومنطقة قرِّي في الوقت نفسه، فهل يمكن أن يتم ذلك كله بالصدفة؟ وهل يمكن أن يحدث ذلك كله نتاجاً لرصاصة وحيدة انطلقت ضدهم بجوار المدينة الرياضية؟
* 10/ قبل الحرب بثلاثة أيام فقط بادر سفير الاتحاد الأوروبي بمعية عدد من سفراء دول الاتحاد الأوروبي بزيارة حميدt في منزله بحي المطار، ورافقهم في الزيارة السفير خالد موسى مدير الإدارة الأوروبية في وزارة الخارجية السودانية وقتها، وطلب السفراء من قائد التمرد خفض التوتر وعدم التورط في حرب مع الجيش، لكنه فاجأهم بقوله: (أنا وقعت الاتفاق الإطاري وما بتراجع عنه.. والبرهان إذا ما وقع ونفذ سأعتقله وأضعه في سجن كوبر بجوار البشير)، وبالفعل قرن القول بالعمل وهاجم منزل قائد الجيش ومنازل رفاقه ومباني القيادة العامة محاولاً أسرهم أو قتلهم لكن بسالة وجسارة أبطال الحرس الرئاسي أفشلت المخطط الآثم.
* 11/ في الشهور التي سبقت الحرب أقدمت المليشيا على شراء واستئجار (480) منزلاً في مدن العاصمة الثلاث، وتم التركيز على المنازل الكبيرة التي يمكن أن يتم تخزين المركبات الحربية (التاتشرات) فيها، وتم انتقاء منازل بها أدوار تحت الأرض (بدرومات)، وتم حشوها بالتاتشرات والأسلحة والذخائر والوقود كما اشترت المليشيا عشرات المزارع حول الخرطوم، وبالتحديد في مشروع السليت وشرق النيل وغرب أم درمان وشمال وشرق كافوري، وتم تخزين أعداد ضخمة من التاتشرات والأسلحة والذخائر والوقود فيها، وكان واضحاً أن تلك الخطوة تأتي في إطار التحضير لحرب يستهدف بها المتمردون الاستيلاء على السلطة بانقلاب مسلح تم التخطيط له بعناية فائقة.
* 12/ قبل الحرب بفترة وجيزة أقدم المتمردون على شراء عدد كبير من قطع الأراضي في مناطق حيوية بوسط الخرطوم، وشيدوا على بعضها معسكرات كبيرة تسع آلاف الجنود في قلب الخرطوم، ومنها معسكر في قطعة أرض كبيرة تقع جنوب القصر الجمهوري، وبجوار المسجل التجاري، وأخرى تقع بجوار مباني قيادة الدعم السريع في الخرطوم شرق (مستشارية الأمن سابقاً) غرب مبنى المجلس القومي للصحافة، وفي المبنيين تم تخزين أعداد كبيرة من التاتشرات وكميات ضخمة من الأسلحة والذخائر والوقود والتعيينات، علاوة على آلاف الجنود، ومن المبنيين ومبنى رئاسة المؤتمر الوطني سابقاً تم الهجوم على مباني القيادة العامة واحتلال القصر الجمهوري.
* 13/ قبل الحرب استوردت المليشيا منظومات اتصال لاسلكية متطورة وزودت بها قواتها لربطها والتنسيق بينها في ساعة الصفر، كما تحصلت على منظومة تجسس إلكترونية طراز (بيغاسيوس) الشهيرة لاستخدامها في التجسس على هواتف قادة الجيش والقوات النظامية، ونظم الاتصالات الخاصة بالقوات المسلحة، علاوةً على منظومات أخرى حديثة للتشويش على اتصالات الجيش، واستخدمتها بكفاءة فائقة وبواسطة خبراء أجانب تم إحضارهم من الخارج خصيصاً لأداء تلك المهمة.
* 14/ قبل الحرب بفترة وجيزة حاولت استخبارات المليشيا استمالة عدد من طياري القوات الجوية بالمال، وتواصلت مع بعضهم وعرضت عليهم مبلغ مائتي ألف دولار لكل واحد منهم نظير رفض تنفيذ أي تعليمات تقضي بقصف معسكرات وقوات المليشيا حال إقدام قيادتها على شن الحرب على الجيش، وقد أبلغ أولئك الطيارون قيادة الجيش بتلك المحاولة ورفضوا الاستجابة لها بوطنية عالية، وكذلك رصدت استخبارات المليشيا منازل عدد من الطيارين في أرجاء العاصمة ونجحت في اعتقال بعضهم في اليوم الأول للحرب.
* 15/ قبل الحرب أقدمت قيادة المليشيا على تجهيز عدد من الغرف الإعلامية المتخصصة داخل وخارج السودان، كما تعاقدت مع شركات أجنبية متخصصة لإدارة الآلاف من الحسابات الوهمية في منصات التواصل الاجتماعي، واستخدمتها بعد اندلاع الحرب بكفاءة عالية، وكذلك استمال المتمردون عدداً من الإعلاميين البارزين داخل وخارج السودان لمساندتهم إعلامياً، وتم شراء ذمم عدد من الناشطين المشهورين للترويج للدعاية الخاصة بالمتمردين ودعمهم إعلامياً، وظهرت أسماء لمتحدثين باسم المليشيا ومستشارين لم يسمع بها أحد قبل الحرب حيث تم توظيفهم للدفاع عن المتمردين في الفضائيات الخارجية، أمثال عمران عبد الله والباشا طبيق وعثمان النجيمي وسيبويه يوسف وغيرهم، وبالفعل نشطوا في أداء المهمة القذرة على (أسوأ) وجهة ممكنة.
* 16/ قبل يومين من الآن ظهر قائد التمرد في تسجيل مصور وتحدث عن أنهم خبأوا أسلحة ومدافع مضادة للطيران في موقع قريب من مطار الأبيض، بغية ضرب الطائرات بها في مدرج الإقلاع، واعترف أنهم دمروا أربع طائرات سوخوي للجيش في مطار الأبيض في اليوم الأول للحرب، وذلك يعني أنه كان يخطط للحرب ويجهز لها قبل اندلاعها بوقتٍ طويل، وبالطبع لا يمكن لعاقلٍ منصف أن يتخيل أن المليشيا أحضرت تلك الأسلحة والمدافع النوعية إلى المخبأ المذكور بمعزل عن مخطط الانقلاب الآثم!
* 17/ قبل الحرب بفترة حرصت قيادة المليشيا على توريد كميات ضخمة من المواد الغذائية المتنوعة (فول وعدس وأرز وطحينة) وخلافها، علاوةً على كميات ضخمة من الوجبات الجاهزة والمعلبة (وارد الإمارات)، وخزنتها في كل معسكرات المليشيا بالخرطوم، ووردت بعضها على أنها تمثل سلة رمضان لجنودها، لكنها أصدرت تعليمات صارمة لضباطها بوضعها في المخازن وعدم المساس بها، وتم استخدام تلك المواد الغذائية عقب اندلاع الحرب في 15 أبريل.
* 18/ لو كان الجيش راغباً في شن الحرب على المليشيا لفعل ذلك في مروي ابتداءً، لأن قوات المليشيا كانت ترابط في منطقة مكشوفة، وكان بمقدور الجيش أن يقصفها ويقضي عليها بالطيران المتاح له في قواعده بوادي سيدنا والأبيض ومروي ويورتسودان، سيما وأن ناطقه الرسمي خرج في بيان شهير وأعلن أن المليشيا انفتحت بقواتها على مطار مروي من دون إذن القوات المسلحة، ومن دون أي تنسيق معها.
* 19/ لو كان الجيش يرغب في المبادرة بضرب المليشيا لهاجم وقصف منزلي قائد التمرد وشقيقه للقضاء عليهما على الفور، ولما اضطرّ للدفاع عن حياة قادته في بيت الضيافة ومنازلهم داخل القيادة العامة وحي المطار في الخرطوم، وقد شاهدنا جميعاً كيف هاجمت المليشيا تلك المنازل سعياً لقتل البرهان ورفاقه أو أسرهم، وكيف نجا قادة الجيش من ذلك الهجوم الآثم بلطف المولى عز وجل ورعايته أولاً، ثم باستبسال وشجاعة أبطال الحرس الرئاسي الذين زفوا 35 شهيداً فداءً لقائدهم في الساعات الأولى للحرب، وتم دفنهم داخل القيادة لتصبح مقابرهم مزاراً للأهل والأحبة والزملاء، وهؤلاء الأبطال يستحقون تكريماً يليق بتضحياتهم التي أنقذت السودان من الوقوع في براثن المخطط الإجرامي الخطير.
* 20/ كذلك شاهد كثيرون مقاطع فيديو ليوسف عزت المستشار السياسي للمليشيا وهو يتجول داخل مباني الإذاعة السودانية ويحاول عبثاً تشغيلها لبث بيان الانقلاب في اليوم الأول للحرب، وفي ذلك الفيديو أكبر دليل على أن ما حدث صبيحة 15 أبريل كان أكبر من رصاصة أولى أو اشتباك عرضي تم بين الجيش والمليشيا بالقرب من المدينة الرياضية.
* الخلاصة أن ما حدث في السودان لم يكن وليد صدفة، ولم يحدث بسبب رصاصة أولى أطلقها كائن من كان في جنوب الخرطوم صبيحة 15 أبريل، بل يمثل مخططاً آثماً تم التخطيط له بعناية على مدى سنوات، واستلزم حشد آلاف المقاتلين وكل أنواع الأسلحة والعتاد الحربي من ذخائر ومدافع ومسيرات وخلافها، بغرض استخدامها في حربٍ آثمةٍ استهدفت اختطاف الدولة السودانية والاستيلاء على نظام الحكم فيها، وتدمير الجيش وتفكيكه واستبداله بالمليشيا، وتم توظيف مبالغ ضخمة من المال لتنفيذ ذلك المخطط الآثم، لكن إرادة المولى عز وجل كانت أقوى من كيد الكائدين، كما لعبت بسالة وشجاعة أبطال القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دوراً محورياً في إبطال وإفشال المخطط الشيطاني الذي استهدف ابتلاع السودان والاستيلاء على مقدراته ونهب موارده وتهجير شعبه وإحداث تغيير ديموغرافي شامل فيه (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).

النصر نيوز

المدير العام ورئيس التحرير:     ام النصر محمد حسب الرسول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى