مقالات

محمد حامد جمعة يكتب: الراشدون

 

قبل أشهر وحينما عادت وإنتظمت حركة السير على جسر الفتيحاب وفي ذاك اليوم قلت لأحد المسؤولين . لماذا لا تضعون صور شهداء عملية العبور من سلاح المهندسين على مدخل الجسر بالجانبين ! مع تعريف على لوحة تذكارية رائعة تظل باقية للتأريخ . بل لماذا لا يسمى الجسر بإسم العقيد راشد ! او بمسمى العملية نفسها او ترميز لكل اولئك السمر . الذين كانوا شجعانا لانهم دخلوا للمهمة وهم على يقين بحقيقتين . الأولى أن اغلبهم ذاهب لكي لا يعود .وذلك بسبب أنهم هابطون على الجسور _ النيل الابيض والفتيحاب والحلفايا _ في وضع مكشوف كرجل يذهب الى عدوه بصدر مفتوح ! وبسبب الحقيقة الثانية خاصة في محور المقرنةوشارع الغابة ان العدو مستحكم ومجهز باليات ثقيلة وفي وضع المدافع الذي يتحكم بالضرورة في الرؤية وتحديد الأهداف .إضافة للتفوق بالعدد بالضرورة !
2
مهمة بتلك الوقائع لا يتقدم لها إلا من كانت حساباته فوق تقديرات ظاهر الأمر . مع شجاعة مطلقة وإيمان لا يطال .وروح فداء مرسلة .خاصة ان خطة العبور نفسها كان واضح ان عملية محوري المقرن وشارع الغابة _ والتسمية من عندي للشرح الجغرافي _ كانت ليست الأساسية وان الهجوم الرئيسي كان يقوم على الإنغماس عبر جسر الحلفايا الى بحري ! وقطعا وحكما ان تلك الحقيقة كانت مدركة لدى الذين في الهجوم في الفرعي لكنهم بكل حال ذهبوا وتقدموا . وانغرست أجسادهم علامات بعد عبور الجسر وظلت هناك ربما الى ان اكتملت العملية بكل ابعادها الكلية بالجسور الثلاثة .
3
هذا الحدث للأسف لم يجد حظه من التنويه والتكريم والإكرام . تخيل لو ان هذه الثلة من الرجال كانت عمليتهم في بلد أخر . لتحولت الى ملاحم شعر وقصة ودراما . وتوثيق للأجيال يحفظ في الثريا لكننا كالعادة .نهمل تواريخنا . بل ان حتى المقطع الوحيد لرجال العملية منذ لحظة تلقيهم الأوامر من قائد العمليات او السلاح . لمحته مرة يتداول في قروب واتس . وكان في قمة البؤس .لان صانعه فيما يبدو قد انتجه بروح بيروقراطية .فقتل (مادة ) نادرة لرجال نادرين !
4
هل تصدقون الى اليوم أجبن عن عبور كوبري الفتيحاب . ولم اعبره حتى بعد فتح الطريق . ولا أظن اني سأقدر . أخشى ان امر بتلك العلامات وانا مقصر في تحية ارسلها (راشد) ورفاقه . فعاقبت نفسي بالحرمان من المرور ولن أفعل الى ان تكرم هذه الثلة . التي من عجائب تميزهم ان اغلبهم لا يعرف له اسم . او قبيلة . كانوا فقط ..سودانيون ..جيش

النصر نيوز

المدير العام ورئيس التحرير:     ام النصر محمد حسب الرسول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى