
في مساء يوم من العام 2020 كنت في وداع عزيز بصالة مغادرة مطار الخرطوم ، و لما هممت بالخروج ركض نحو سيارتي رجل ستيني وطلب مني أن اوصله خارج المطار لأنه في مشكلة مستعجلة و خطيرة ، فاذنت له بالركوب و استفسرته لعلي استطيع مساعدته والساعة اقتربت من منتصف الليل ، رد علي قائلا : انا مدير المراقبة الجوية بمطار الخرطوم واحد راداراتنا خارج المطار تركه موظف الوردية دون اذني و ذهب الى مناسبة زواج في الحاج يوسف و من هناك سيتوجه إلى الفتيحاب لمناسبة أخرى .
كان محدثي يرتجف من الخوف و الهم ويتصبب عرقا ، و أضاف : هذا التصرف قد يتسبب في كارثة جوية لأن مئات الطائرات تعبر الأجواء السودانية و تحتاج لتوجيه من مكتبنا ، فسالته عن المدى الذي يغطيه الرادار فقال : كل الاجواء السودانية واي جسم يدخلها يكون مرصودا لدينا .
انطلقت بسرعة متخطيا الشارات الحمراء واوصلته في زمن قياسي إلى حيث الرادار و ملحقاته ، شكرني و قال : (علي بالطلاق الموظف دا لوجا المطار اقطع رجله) .
تذكرت ذلك الموقف و نحن نعاني هجمات من طائرات مسيرة قتالية و استطلاعية مجهولة المصدر و الجهة على مدار اليوم و الليلة ، و ان رجحنا جهة التمويل .
و تساءلت ماذا حل بالرادار الرئيس و منظومته داخل و خارج مطار الخرطوم بفعل هذه الحرب ؟ . هل ياترى دمر كليا او جزئيا ؟ ، وهل نهبت الحواسيب و الاجهزة ؟ ، و مدى إمكانية إصلاحه او استبداله ؟ .
يقيني ان رادار الخرطوم الذي يغطي كل الأجواء السودانية بإمكانه كشف مصدر اطلاق المسيرات او على الاقل تحديد الاتجاه الذي قدمت منه .
هل فكرت انساقنا الأمنية في الاستفادة من الرادار و تعيين مندوبين لها ضمن طواقمه لرفدها بتقارير يومية عن الفضاء السوداني ، كونه جزء لايتحز أ من سيادة الدولة ؟ .
إن تشغيل رادار مطار الخرطوم ضرورة أمنية و وطنية قصوى .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم السبت 10 مايو 2025 .