الترياق السريع و المضمون لازمة الاقتصاد و المصارف بوصفها العمود الفقري للاقتصاد يكمن في تحويلات المغتربين و دعم الاقتصاد التشاركي و اصدار الجنيه الذهبي الادخاري كمنتج مصرفي
بقلم: د. لؤي عبد المنعم
الترياق السريع و المضمون لازمة الاقتصاد و المصارف بوصفها العمود الفقري للاقتصاد يكمن في تحويلات المغتربين و دعم الاقتصاد التشاركي و اصدار الجنيه الذهبي الادخاري كمنتج مصرف
د. لؤي عبد المنع
معركة الجنيه مع الدولار معركة وطن يرفض أن ينهار .. تحويلات المغتربين رأس الرمح في هذه المعركة و زيادة الإنتاج هو المدد الذي سيحقق النصر الحاسم.. رسالة لكل مغترب ( ادعم اقتصاد بلدك بتحويل مبلغ 500 دولار عبر الجهاز المصرفي).. نتطلع إلى إصدار قرار ثوري يلزم أي سوداني مغترب دخله الشهري يتعدى مبلغ 1000 دولار ان يحول مبلغ 500 دولار سنويا عبر الجهاز المصرفي و يحق له الاستلام نقدا بنفس العملة و يتم ربط تجديد الجوازات و تأشيرة الخروج بإثبات التحويل عبر كشف حساب معتمد .. كذلك الاقتصاد التشاركي يمكن ان يساهم في تحفيذ الاقتصاد، و تتلخص فكرة الاقتصاد التشاركي في طرح سلع (أصول مادية) للاستخدام العام بواسطة تطبيقات إلكترونية يتم تنزيلها عبر الهواتف الذكية ، حيث يمسح المستخدم كودا خاصا بالتطبيق يكون ظاهرا على السلعة، مثل العجلة أو جهاز النسخ ، وبمجرد استخدامه يقتطع مبلغ يسير من رصيده البنكي المرتبط بالهاتف…سهولة تقنية الاقتصاد التشاركي وسرعة انتشارها دفعت العديد من المستثمرين إلى ضخ أموال مقدرة في هذا القطاع، وكانت العجلات التشاركية هي البداية …عندما يتم استخدام الموبايل في السداد عن طريق مسح الكود يتم تدوير الأموال داخل الجهاز المصرفي بالاضافة الى سهولة الدفع و بالتالي ازدهار قطاع الخدمات مع امكانية الاستثمار بمبالغ بسيطة مثل ماكينة قياس الوزن و الطول أو قياس ضغط الدم…من شأن الاقتصاد التشاركي توفير مبالغ ضخمة كانت تصرف دون الحاجة إليها و توجيهها في الاستثمار العقاري مثلا أو المشروعات الصغيرة ..الاقتصاد التشاركي منتشر في كثير من دول العالم و خاصة الصين و استقطب مليارات الدولارات بلغت في الصين وحدها 500 مليار دولار في 2016 و ينمو هذا القطاع بنسبة 40% سنويا..
*حول مقترحي الجنيه الذهبي الادخاري المحصور التداول داخل و بين المصارف السودانية*
بدءا من المهم التوضيح ان *السك* هو النقش و التشكيل في العملة المسكوكة ، و هو في مقترحي من صلاحيات بنك السودان المسؤول عن بيع الجنيه الذهبي المسكوك عبر نوافذ في الفروع الرئيسية للبنوك في أيام محددة للاكتتاب اما *الصك* فهو سند ملكية قابل للتداول يتم توقيعه من قبل المشتري العميل و البائع بنك السودان بموجب توكيل من العميل للبنك بالشراء و البيع بناء على أمر من العميل مقابل عمولة للبنك.. و الخطوة الاهم في تقديري التي ستحدث فارقا كبيرا و فوريا عند تنفيذها هو الاستثمار في الجنية الذهبي الادخاري الذي اقترحته في مطلع فبراير 2018 و الذي من شأنه إنعاش المصارف من جديد لأنه سيحولها إلى بورصة ذهب و سيعيد الكتلة النقدية إلى داخل المصارف للاستثمار في العملات الذهبية المصكوكة القابلة للتحويل داخل المصرف أو بين المصارف من حساب إلى حساب او التسييل عند الطلب بسعر البورصة العالمية… و طريقة تنفيذ المنتج باختصار تتلخص في الاتي :-
أولا بنك السودان هو من يحتكر إصدار و صك الجنيه الذهبي و يتولى بيعه عبر نافذة داخل الفروع الرئيسية للمصارف Head Quarters
ثانيا يتم شراء الذهب بدءا من قبل بنك السودان عن طريق طباعة عملة جديدة لحين توفر سيولة كافية لدى المصارف و بعدها عبر الاقتراض من الجهاز المصرفي
ثالثا البنك لا يمكنه تمويل شراء الجنيه الذهبي لاعتبارات شرعية لكنه يتربح من كونه وكيل للعملاء في شراء و بيع الجنيه الذهبي مقابل مبلغ مقطوع
رابعا الجنيه الذهبي حقق أرباح وصلت إلى 4% ربع سنويا و 11- 15% سنويا مقابل الدولار حسب مؤشرات بورصة الذهب العالمية و تحليلات Daily FX في 2017 و 2018، و يتوقع وصول الذهب الى قيمة قياسية في 2024، و ترجع التوقعات المتفائلة إلى توجه لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي و بنوك اخرى عديدة بدات فعليا في خفض أسعار الفائدة، وتحول السياسة النقدية إلى نوع من التيسير وما يترتب على ذلك من ضعف الدولار. حيث إن العلاقة بين أسعار الذهب وأسعار الفائدة عادة ما تكون عكسية، ومع انخفاض أسعار الفائدة، يصبح الذهب أكثر جاذبية مقارنة بالاستثمارات الأخرى مثل الاسهم و السندات، والتي تقدم عوائد أفل في بيئة مضطربة تشهد انخفاض في اسعار الفائدة. لذلك فأن مقولة الذهب للشراء و ليس للبيع اصبحت حقيقة راسخة لدى المستثمرين في بورصة الذهب العالمية.. المقترح بمثابة ترياق من الانهيار المحقق للمصارف خاصة اثناء او عقب الحرب التي اضرت كثيرا بالاقتصاد، و تركه مثل إهمال المريض المشرف على الموت للعلاج الوحيد له .. الجنيه الذهبي المصكوك فعليا ضمانة في حال حدوث إفلاس للبنك، حيث يعود إلى صاحبه كما أنه يمثل ضمانة للحصول على تسهيلات مصرفية .. و الضمانات القوية المقبولة عالميا هي المستندة على Tangable Asset ..كما أنه فرصة للحكومة و المصارف للاستثمار فيه و كذلك للمعدنين لبيع إنتاجهم عوضا عن تهريبه للخارج ..حصائل شراء الجنيه الذهبي في الاكتتاب تحول إلى بنك السودان و حصائل البيع تحول إلى حساب العميل في البنك .. إذا أراد البنك توظيف نسبة من الودائع في التمويل فينبغي أن لا يكون ذلك في تمويل الأفراد الذي يتصف بأنه متوسط و طويل الأجل و لكن يوظف في تمويل الشركات لفترة تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر … كما أن الإقبال على شراء الجنيه الذهبي الادخاري لحفظ الأموال من التآكل و الاستثمار في ارتفاع قيمة الذهب عالميا من شأنه أن يحد من الطلب على الدولار خارج الحاجة إلى الاستيراد ..كما أن التمويل المصرفي من الودائع مضمون بالاحتياطيات القانونية.
*الوقت من ذهب و عبور الأزمة بصك الذهب و الاستقرار الاقتصادي رهن بزيادة الانتاج*
تآكل أموال الناس و أرباح الودائع في البنوك يوجب تنفيذ مقترحي حول الجنيه الذهبي الادخاري المحصور التداول داخل المصارف .. استغرب هل المقترح لم يصل متخذي القرار أم هناك من يرفضه لأنه عجز عن إيجاد حلول من جهته …الرئيس أردوغان أعلن الحرب على الربا و هو ماض في سياسته تخفيض سعر الفائدة المصرفية على القروض و بالتالي على الودائع و هذا بدوره يزيد الطلب على الدولار في السوق كبديل استثماري في غياب وجود منتج بديل يغني عن الودائع بالعملة المحلية المتآكلة في قيمتها بسبب التضخم الناتج عن الطفرة الكبيرة في الناتج المحلي الإجمالي و التي أدت إلى زيادة الاستيراد و الطلب على الدولار إلى جانب الحرب الاقتصادية المفروضة على تركيا و الشبيهة بالحرب المفروضة على السودان… لو أنهم عمموا تداول العملات الذهبية داخل البنوك التركية كما ورد في اقتراحي لتشمل جميع البنوك و عملوا على تنظيم اكتتابات شهرية عليها من قبل البنك المركزي و اعتمدوا المصارف كنافذة وحيدة لبيع و تداول العملة الذهبية لكان بإمكان أردوغان محاربة الربا بدون أن تتراجع قيمة العملة المحلية مقابل الدولار و الذي من شأنه تقويض النهضة التي تحققت كونها لم تنعكس على القوة الشرائية للنقود…من الخطأ الاعتقاد ان الجنيه الذهبي الادخاري مجرد اكتناز للذهب و لن يساهم في التنمية و أن الغرض منه فقط ينحسر في زيادة حجم المدخرات و تخفيض الطلب على الدولار … اولا ينبغي أن يتم التعامل مع إجمالي قيمة حسابات الجنيه الذهبي في المصارف كما يتم التعامل مع إجمالي قيمة الحسابات الجارية أي توظيف نسبة منها يحددها بنك السودان في تمويل مشروعات التنمية الصناعية و الزراعية بضمان الاحتياطيات النقدية للمصارف . ثانيا سوف ينشط و يرفع موارد ديوان الزكاة بدرجة كبيرة لأنه يمثل أموال التجار كون الديوان يركز حاليا على اقتطاع رواتب الموظفين فقط و هي محدودة و لكون الجنيه الذهبي مورد ثابت للديوان عندما يحول الحول على هذه الحسابات فهو سيدعم جهود الديوان في الحد من الفقر شأن التمويل الاصغر.. ثالثا إلى جانب أن المصارف سوف تتجه لشراء الجنيه الذهبي للحفاظ على قيمة أرباحها من التآكل و بالتالي لن تزاحم المستوردين في الطلب على الدولار في السوق…
الوقت من ذهب على الحكومة السودانية كسب الوقت الثمين و الإسراع في صك الجنيه الذهبي الادخاري المقترح تداوله داخل المصارف فقط لحصر الطلب على الدولار في فئة المستوردين مع الحد فورا من السلع المستوردة الغير ضرورية و المنافسة للإنتاج المحلي و طرح مشروع اسكان قومي عاجل بامتيازات للمغتربين لتنشيط الاقتصاد و تفعيل تحويلات المغتربين .
*خصائص الجنيه الذهبي الإدخاري الذي اقترحته في فبراير 2018*
1- ليس بديل للعملة التقليدية .
2- التداول فيه محصور داخل وبين المصارف فقط وهي واسعة الإنتشار والتغطية الجغرافية.
3- المصارف تعتبر نافذة لبنك السودان للشراء و التداول و يتم بيع الجنيه الذهبي عبرها بسعر البورصة .. و البيع المباشر عبر النافذه يكون في تواريخ محددة يحددها بنك السودان لإصدار عملات ذهبية جديدة حسب الطلب و يتم في وجود مندوبين من بنك السودان الذي يحتكر الاصدار و يقوم المصرف المعني بفتح حسابات خاصة بالجنيه الذهبي و ذلك مقابل عمولة مقطوعة تدفع للمصرف مقابل توكيله بالبيع (التسييل) و الشراء للجنيه الذهبي من مندوبي بنك السودان.
4- سعر الجنيه الذهبي مرتبط بسعر الأقفال اليومي في بورصة الذهب التي يجب أن تنشأ كخطوة سابقة لإصدار الجنيه الذهبي الإدخاري و استنادا على السعر التاشيري للدولار مقبل الجنيه السوداني التي تحددها إلية صنع السوق سواء في البيع أو الشراء و ذلك من شأنه أن يشجع على عملية الشراء .
5- يمكن للحكومة استخدامه في سداد فرق المدفوعات الدولية عند التبادل التجاري بنظام المقايضة المعمول به دوليا .
6- الأوزان المقترحة هي ( 10 و25 ) غرام لتمكين أكبر شريحة ممكن من الاستثمار فيه.
7- يمكن شراءه بكافة العملات المتاحة في السوق حسب مؤشر البورصة امام العملات.
8- يمكن للمصارف توظيف نسبة من أجمالي حسابات الجنيه الذهبي يحددها بنك السودان كضمانة لتمويل خارجي أو تسهيل لتمويل الصادر مقابل الاحتياطيات القانونية تعوض في نهاية السنة المالية بالشراء من البنك المركزي.
9- من شأن الجنيه الذهبي زيادة موارد ديوان الزكاة باعتباره مورد ثابت يتجاوز رواتب الموظفين إلى فئة التجار وبالتالي يساهم في الحد من الفقر .
10- تداوله في البورصة يتم في مرحلة التعاقد على البيع بالنسبة للمبالغ الكبيرة بواسطة شركات الوساطة على أن يتم التفنيذ الفعلي داخل المصارف لتجنب تسربه للخارج.
11- يحد من طلب المصارف على الدولار في السوق الموازي لحفظ أرباحها من التآكل ، ويمثل فرصة استثمارية في ذات الوقت خاصة مع انخفاض قيمة الدولار مقابل الذهب.
12- يعتبر ضمانة بنكية مقابل التسهيلات المباشرة وغير المباشرة .
13- السودان يمتلك ميزة نسبة باعتباره من كبار المنتجين للذهب وهذا يساهم بدوره في استمرار تدفق الجنيه الذهبي وفق حاجة السوق.
*الجنيه الذهبي ضمان للاستقرار و ثروة قومية غير مسموح بخروجها*
الجنيه الذهبي محصور التداول داخل المصارف فقط اي انه قابل للتحويل من حساب لحساب و البيع نقدا داخل المصرف فقط و عليه فالبائع لن يستلم قيمته بسعر البورصة إلا إذا وجد مشتري يحتفظ به في حسابه داخل المصرف و هذا يعني أن المصرف لن يفقد أي أموال بالعكس ستتجه الكتلة النقدية إلى داخل المصارف التي ستوظفها لصالح تمويل الصناعة و الزراعة .. علما أن الاكتتاب في العملة الذهبية (الشراء) يتم داخل المصارف بوصفها وكيل و نافذة لبنك السودان الذي يحتفظ بحقه منفردا في شراء الذهب الخام و صكه و توزيع العملة الذهبية الادخارية عبر المصارف .. الفرق بين الصكوك أو شهادات الاستثمار و بين الجنيه الذهبي هو ان الصكوك أو الشهادات أحد أوجه الاستثمار الذي يتضمن مخاطرة حيث يندر الاستثمار بدون مخاطرة لكن العملة الذهبية هي أحد أوجه الادخار الخالي من المخاطرة و هنا يكمن الفرق .. و في الحالتين أي كانت الوجهة استثمار أو ادخار يتم توظيف الاموال المتحصل عليها من الاكتتاب في الصكوك و الشهادات او من بيع و تداول الجنيه الذهبي في تمويل التنمية (كما هو الحال مع الحسابات الجارية بنسبة يحددها بنك السودان بضمان الاحتياطيات القانونية ) و الذي سيزيد الطلب عليه تدريجيا كوسيلة مضمونة لحفظ رؤوس الأموال من التآكل.
*توضيحات بخصوص مقترح الجنيه الذهبي الادخاري*
الحسابات البنكية بالجنيه الذهبي الادخاري ستكون فرصة للتجار و البنوك للحفاظ على رؤوس أموالهم من التآكل و بديل أمثل لسندات الخزينة التي ترفع الدين العام دون توظيفها في زيادة الانتاج و بالتالي التاجر لن يكون مضطرا لزيادة أسعار السلع دون مبرر .. مع التأكيد على ربط عمليات السحب ببيع الجنيه الذهبي لمتعامل آخر داخل البنك اي انه لا يجوز سحب الجنيه الذهبي من البنك لكن يمكن سحب قيمته بسعر بورصة الذهب بعد شراءه من متعامل آخر داخل البنك ( تداوله محصور داخل و بين البنوك لمنع تسربه للخارج)…التضخم في السودان له عدة عوامل من ابرزها طباعة العملة من دون تغطية من الذهب و زيادة الاستيراد بشكل غير مدروس و بالتالي الطلب على العملات الأجنبية نسبة للزيادة في الناتج المحلي الإجمالي مما يتسبب في انخفاض سعر الصرف للعملة الوطنية مقابل العملات الاجنبية و خروج الأموال من الجهاز المصرفي فيحد ذلك من إمكانية اقتراض الحكومة من المصارف فيستمر العجز في الميزان التجاري ..الجنيه الذهبي الادخاري من افضل الحلول التكميلية لعلاج التضخم لأنه يشجع على الادخار الآمن و يعيد الثقة في الجهاز المصرفي و يعزز قيمة الجنيه التقليدي لأنه يحد من الطلب على الدولار خارج الحاجة للاستيراد و لكونه ليس بديلا للجنيه التقليدي و إنما هو مجرد وعاء ادخاري يتداول داخل البنوك فقط بين الحسابات.. الفكرة ليست حل جذري للتضخم لكنها تساهم بنسبة كبيرة و مؤثرة عبر استقطاب مدخرات المواطنين و المغتربين و يمكن أن تتطور في سداد فرق المدفوعات الحكومية جراء التبادل الدولي عبر نظام المقايضة و هي مكملة لإصدار عملة جديدة في سحب الكتلة النقدية إلى داخل المصارف .
المعني بالاستثمار في الجنيه الذهبي هم أصحاب المشاريع الصغيرة و المتوسطة الذين يشترون بارباحهم دولار أو عقارات مثل اصحاب البقالات و المغالق و تجار التجزئة و الجملة و المطاعم .. الخ و هؤلاء لا يودعون إلا المبالغ التي سوف يشترون بها بضائع و الفائض يشترون به دولار أو أصول .. التجربة طبقت في كل من تركيا و الصين و نجحت و قد وصلتني اشادة للمقترح من مسؤول تركي و درست من قبل البنك المركزي المصري كأحد أدوات كبح التضخم في حال فشلت سياسة التعويم و تزايد الفارق بين السعرين الرسمي و الموازي و أضطرت الحكومة المصرية إلى اعادة هيكلة الدعم من عيني إلى نقدي . و قد اطلع احد كبارخبراء البنك المركزي المصري على مقترحي .
بالنسبة لمصر لم تطبق المقترح حتى الآن و فضلت مؤخرا رفع أسعار الفائدة على الودائع في 5 مارس 2024 بنحو 600 نقطة أساس أو بمعدل 6% عوضا عن 3٪، لأنهم لا يتمتعون بميزة نسبية في سلعة الذهب كما هو الحال في السودان (أرض الذهب) لذلك ان هم قاموا بالاستمرار بصك العملة الذهبية على المدى الطويل فسيكون ذلك خصما على احتياطياتهم من الذهب التي ستنتقل من حيازة الحكومة إلى المواطنين داخل المصارف لكن الوضع مختلف بالنسبة للسودان الذي يتمتع بميزة نسبية في سلعة الذهب و يمكن للتعدين الأهلي و الخاص أن يمدوا البنك المركزي بالذهب المطلوب لفترات طويلة يمكن أن تسهم في أحداث تحول كبير في زيادة المدخرات و بالتالي زيادة الناتج المحلي الاجمالي و النمو الاقتصادي.
و مع ذلك فان خبراء البنك المركزي في مصر يدرسون عواقب رفع اسعار الفائدة على ضوء التوجه العالمي بخفض اسعار الفائدة.
الجنيه الذهبي الادخاري مكمل لتغيير العملة و يكون أكثر فاعلية عندما يتم تنشيط الدفع الإلكتروني بربطه بإعادة هيكلة الدعم .. السياسات المصرفية و المالية تأتي متكاملة و متزامنة كحزمة واحدة و لا تأتي فرادى.. من البديهي أن سياسة إعادة هيكلة الدعم و سياسة التعويم الحر لا يمكن تطبيقهما في وقت واحد .. مصر اختارت البدء بسياسة التعويم من مدار الى حر و نجحت فيها و ستنتقل إلى اعادة هيكلة الدعم و ليس الغاءه قريبا .. و كلا السياستين من مطلوبات الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي و يشترط أن يصاحبهما إصلاحات في الإنتاج و التصنيع .
*تجربة شهادات بريق التي طرحت في اخر عهد الانقاذ لا تختلف عن شهامة و العنصر الجاذب لها هو أن نسبة أرباحها كانت أعلى من أرباح شهامة*
أزمة سعر الصرف تتطلب حزمة إجراءات و سياسات و لكن أهمها هو إصدار الجنيه الذهبي الادخاري ..مقترحي يتلخص في صك عملات ذهبية 10 و 25 غرام و طرحها للبيع و التداول داخل الجهاز المصرفي حيث يعتبر المصرف نافذة لبنك السودان يشتري منه و يبيع للعملاء بواسطة عقود وكالة تفوضه البيع بسعر البورصة العالمية .. قيمة صك الذهب تكمن في انه ضمانة فعلية و ليست فقط وعد حكومي باسترداد القيمة حتى و إن تم ضمان قيمتها الشرائية بربطها بسعر البورصة كون الذهب المصكوك سيتم ايداعه في الخزانة الرئيسية لكل بنك و بالتالي يتم تسليمه للعملاء عينا في أسوء الظروف و هي إفلاس البنك أو الكوارث الطبيعية التي يصاحبها انهيار أو أزمة اقتصادية كبرى تتطلب مساعدة اممية و هذه الميزة لا تتوفر في شهادة بريق لأن فلسفتها تقوم على المضاربة في شراء و بيع الذهب و هي مشابهة لشهادة شهامة ..كما أنه يساعد في شراء الذهب من المعدنين فعليا و ليس اسميا و بالتالي لا مجال لتوظيف أموال الاكتتاب في مقابلة المصروفات الطارئة و تبديد رأس المال ..عند بدأ الاكتتاب في الجنيه الذهبي الادخاري المحصور التداول داخل المصارف (خلاف بريق التي منعت المصارف من المشاركة في الاكتتاب او التداول ) سوف تعود الكتلة النقدية إلى داخل المصارف و يقل الطلب على الدولار إلا في حدود الحاجة إلى الاستيراد.
من أسباب فشل الاكتتاب في شهادة بريق قبل تصفيتها إلى جانب شهامة و اخواتها أن الحكومة درجت على توظف الدين العام المحلي في مصروفات استهلاكية و ليست انتاجية و المودعون متخوفون على رؤوس أموالهم و صعوبة تسييل الشهادات عندما تعجز الحكومة عن توزيع الأرباح المرتفعة في موعدها المقرر كما حدث في شهامة و اخواتها.
أما الجنيه الذهبي الادخاري فهو محفوظ لدى البنوك كأمانات و يتم تداوله بعقود توكيل مع المصرف المعني أو شركات الوساطة في البورصة على أن يتم التنفيذ في البنوك كونه محصور التداول و الحكومة ينتهي دورها في صك الذهب و بيعه عبر نوافذ داخل الفروع الرئيسية للمصارف لذلك لا يوجد تبديد للمال العام في إنفاق استهلاكي.
الحكومة تكسب من فارق صك الذهب و من فارق سعر الذهب عندما تشتريه خام من المعدنين و الشركات الخاصة و المصارف تتقاضى عمولة من بيع و شراء و تسييل الذهب وكالة عن المكتتبين.
و الذهب يعتبر ضمانة قوية للقروض و عنصر مهم لتثبيت سعر العملة كون تقييم العملة المحلية سيكون وفق أسعار الذهب العالمية و ليس وفق شح الدولار و حجم الطلب عليه في السوق كما يحدث حاليا. لذلك هو فرصة للبنوك لحفظ رؤوس أموالها من التآكل و ليس فقط المواطنين المضاربين على الدولار خارج الحاجة إلى الاستيراد.
مصر قامت باحتلال حلايب و تطمع في ضم مناطق النوبة في الشمال من أجل الذهب الذي لم نستفيد منه حتى الآن كما ينبغي بما يخدم الاقتصاد الكلي و عموده الفقري المصارف.
*د. لؤي عبد المنعم*
*خبير مصرفي*