
حين رزق محمود مشرف ( بضم الميم و كسر الراء ) بمولود من زوجته ست البنات احمد سعد ، اختار له اسم أحمد تيمنا باسم النبي عليه افضل صلاة و تسليم ، ذلك في العام 1918 .
كانت الام سعيدة تلاعب مولودها قائلة : ( حمدتو و شكرتو ) من ثم سار عليه اسم حمدتو .
كانت الأسرة تقيم في الخرطوم حي المقرن القديم ( منتزه المقرن العائلي ) شرق كبري النيل الأبيض.
درس احمد القرآن في الخلوة و عمل طلبة إبان تشييد الكبري و لما يبلغ من العمر عشرا .
صنعت له امه حلوى من السمسم و السكر اسمها ( علف ) و طلبت منه ببيعها في سوق الخرطوم ليتعلم التجارة و يشتد عوده لمجابهة صعاب الحياة ، علما بأن والده كان تاجرا بين الخرطوم و القاهرة لكنها ضرورات التنشئة .
في كل صباح جديد يحمل حمدتو ماصنعت والدته من حلوى إلى سوق الخرطوم و اعجب بها الناس ايما إعجاب و اقبلوا على شرائها .
فكر الصبي في بيع حلواه في أسواق ام درمان و الخرطوم بحري و الخرطوم ، كل يوم في سوق مدينة
ذات يوم إصابته حمى فلزم الفراش اسبوعا ، فجأة توقف كومر حكومة انجليزي امام باب منزلهم و ترجل منه احد الضباط ليطرق الباب ا،رجح انهم يتبعون لإدارة الأمن التي كانت تتبع للاستخبارات العسكرية في ذلك الوقت ، خرجت له امه فاخبرها الضابط بأن حمدتو مطلوب حضوره في رئاسة المديرية ، و جلت الام و قالت له : ان ابني صغيرا ، ماذا فعل ؟ ، اصطحب حمدتو إلى كبير الضباط فسأله أين كنت خلال هذا الاسبوع ؟ ، لقد بحثنا عنك في كل مكان ، يوجد لدينا توجيه من شخصية رفيعة باحضارك لمقابلته ، و طلب منه ان يتبعه فإذا هو في قصر الحاكم العام الانجليزي ثم دلفا إلى مكتبه فإذا بالصبي حمدتو امام الحاكم العام سير / جورج استيوارت سايمز وجها لوجه ، كاد الدم ان يتوقف في عروق الصبي .
سأله أين كنت يا بني ؟ الم تعلم اني احب ماتبيعه من حلوى العلف و اشتريها كل يوم ؟ لحظتها ابتسم الصبي حمدتو و وعده بمزاولة البيع يوميا .
وجه الحاكم العام بأن يصدق لحمدتو ببعض الدكاكين في عمارة الاوقاف ( الذهب حاليا ) ، كان ذلك في العام 1936 .
حكى حمدتو القصة لوالديه ففكرا في التطوير و التنويع، بل استقدم والده عمالا مصريين متخصصين في صناعة الباسطة و البسبوسة و بلح الشام و العلف و البسكويت و الكعك و العصائر و الزبادي .
اطلق على محله اسم حلواني العاصمة حلواني حمدتو ، ثم افتتح مطعما اسماه فخر المطاعم و مخبزا .
لقد توسعت أعمال حمدتو رائد صناعة الحلوى في السودان و أصبح يصنع الكنافة و الطحنية و متعهدا لتنظيم الاحتفالات العامة و الخاصة .
حمدتو اول من صنع حلوى المولد و علمها للاخرين منهم سيد مكي و المغربي .
كانت محلات حمدتو قبلة لقادة الدولة و رموزها في الحكم و الادارة و السياسة و القوات النظامية و الأطباء و المحامين و غيرهم .
انها قصة نجاح من بلادي .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الأربعاء 12 فبراير 2025