مقالات

الخليفة عبد الله واحداث تمرد مادبو

د.طارق محمد عمر

الخليفة عبد الله ود تورشين تولى حكم البلاد إثر وفاة الامام المهدي في العام 1885 ، و يعد تمرد زعيم الرزيقات مادبو أولى المشكلات التي واجهته .
زعيم الرزيقات هو مادبو علي برشم عبد الحميد ضو البيت ، شيخ شيوخ الرزيقات و ينتمي للماهرية اولاد محمد .
منذ نحو 300 عام اعتادت القبيلة شن اغارة كل سنة على قبائل الجنوب المتأخمة لدارفور لسلب الأبقار و سبي النساء و الأطفال فترد قبائل الجنوب بالمثل .
كان جد الخليفة عبد الله القادم من مالي بغرب أفريقيا يتكهن بضرب الرمل فيتردد عليه الناس و منهم الرزيقات فان بشرهم بنتائج الغزو غزو وان حذرهم احجموا .
في العام 1882 سمع مادبو بالثائر محمد احمد المهدي فهاجر اليه في قدير بجنوب كردفان و بايعه و شهد معه معركة راشد بك ، فعينه المهدي اميرا على دارفور .
بعد عودته إلى موطنه ارسل له سلاطين باشا مدير مديرية دارفور تكليفا بالحضور فابى ، ثم هاجم حامية شكا الحكومية التي كان يقودها القمندان / يوسف أفندي فانتصر عليه و غنم اموالا و 300 بندقية و صناديق ذخيرة ، بعدها حاصر سلاطين في منطقة ورقة و هزم قواته و اسره و ارسله مقيدا إلى المهدي في الأبيض.
لكن الامام المهدي فاجا مادبو بقرار عزله فيه من إمارة دارفور و عين عوضا عنه قريبه الدنقلاوي / محمد خالد زقل (الخبير في الشؤون الإدارية ) .
اغضب هذا القرار زعيم الرزيقات مادبو و فترت همته تجاه الثورة المهدية وبدا يؤلب عليها قبائل دارفور فاستفحل أمرها و بات خطرها عظيما ، و تواصل مع متمردي جبال النوبة من جيش الخديوية ( الجهادية ) عقب مغادرة المهدي و قواته الابيض إلى أم درمان .
ارسل له الخليفة طلبا بالحضور إلى أم درمان و زيارة قبر المهدي لتجديد بيعته للمهدية لكنه ابى و استعصم .
ارسل الخليفة أمرا إلى كركساوي قائد قوات المهدية في دارفور ، بالقبض على مادبو و إحضاره إلى أم درمان و لما نما ذلك لعلم مادبو أصبح كثير وسريع التنقل بين قرى دارفور بينما تعقبه كركساوي بقوة شديدة المراس حتى ظفر به في منطقة الدور فقبضه و قيده بالجنزير و ارسله إلى أم درمان، و عند و صوله إلى الأبيض و في رواية بارا ، صادف وجود الأمير/ حمدان ابوعنجة و هو من الحمر واعظم قادة المهدية العسكريين و الاستخباريين ، و كان بينه و مادبو ثار قديم عندما كان حمدان اسيرا لديه يحمله صندوق الذخيره على راسه من مكان إلى آخر حتى تسبب ذلك في جرح بفروة راسه اخذ و قتا طويلا حتى اندمل .
تم نظر الاسير مادبو الى الأمير حمدان فعرفه و لم يزل بالقيد فشتنمه و عيره بحمل صندوق الذخيرة و الدبرة اي الجرح الذي كان على راسه .
امر حمدان بعض مقاتليه بضرب مادبو بالعصي حتى الموت ، فلما فارق الحياة امر بجز راسه و إرساله إلى الخليفة بام درمان ، حين عرض الراس على الخليفة امر بتعليقه بالمسجد من صلاة الظهر و حتى العصر و في اليوم التالي علق بسوق أم درمان الكبير .
بعدها امر الخليفة بإحضار اهل مادبو إلى أم درمان و اسكنهم فيها ليكونوا تحت سمعه و بصره .
ظلت تلك اللحادثة تتناقلها الاجيال شفاهة وشكلت حاجزا نفسيا تجاه العاصمة مركز الحكم رغم ان الخليفة نفسه من دارفور و اذاق اهل العاصمة الأمرين بدعوى عدم هجرتهم إلى الأبيض لمبايعة المهدي ، فرفتهم من مناصبهم و وظائفهم التي شغلوها في حقبة الخديوية .
نحن لانقرا التاريخ لكن الغرب يقرأ و يسخر الأحداث التاريخية لصالح تنفيذ مخططاته، و من ذلك تكوين قوات الجنجويد من أبناء الرزيقات و ماحدث في العاصمة ابتداء من 15 أبريل 2023 ضد المركز و جيش الدولة ، و عمليات تهجير وسلب و نهب و قتل باصرار وتشف عمت البلاد ما هي إلا اثر من ذلك .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الاثنين 27 يناير 2025 .

إعلان

النصر نيوز

المدير العام ورئيس التحرير:     ام النصر محمد حسب الرسول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى