
كنيسة جمعها كنائس وكنس بضم الكاف والنون ،ومعنى كنيسة في اللغة اليونانية بيت الرب او بيت الله او مكان العبادة ، وتختلف التصاميم المعمارية والزخرفية بحسب الطوائف المسيحية .
ومكان عبادة اليهود يسمى معبدا او كنيس ،يقابل ذلك المسجد في الإسلام او بيت الله وهو مكان عبادة المسلمون .
عرف السودان اكثر من كنيس يهودي عوضا عن معابد الوثنيين ، ذلك بعد بعثة النبي الرسول موسى عليه الصلاة والسلام شمالي السودان.
بينما عرف السودان الكنائس القبطية الارثوذكسية في القرن الثالث الميلادي اي ميلاد المسيح ، ذلك في ممالك نوباتيا والمقرة وعلوة ، وهي كنائس قبطية على المذهب الأرثوذوكسي، وكان الاقباط المعتنقين للمسيحية قد فروا من مصر اتقاء الاضهاد الديني .
اتاخت حكومة الخديوية في السودان 1821 إلى 1885 الحريات التعبدية للمسلمين والنصارى واليهود ، فشيدت في الخرطوم عددا من المساجد والكنائس منها اليونانية والقبطية الارثوذكسية والنمساوية الكاثوليكية .
كان لتلك الكنائس دورا استخباريا كبيرا ضد الثورة المهدية منذ اندلاعها 1882 إلى اسقاطها 1898 .
ساهمت في توفير المعلومات الامنية والتجسس على الخليفة وامراء دولته ، مثلما ساعدت في إدارة الشبكات الاستخبارية للاسرى وتهريبهم إلى مصر .
صادق المستعمر البريطاني على طلبات فتح كنائس بروتستانتية وكاثوليكية وغيرها في السودان عامة وفي الجنوب وجبال النوبة والنيل الازرق خاصة .
كانت هذه الكنائس والمعروفة بالبعثات التبشيرية تعمل على تنصير الوثنيين وبعض ضعاف النفس من المسلمين ، وتقدم خدمات تعليمية وصحية واغاثية في أماكن تواجدها .
وكانت كل بعثة تبشيرية لها جهاز أمني واستخباري يعمل على تامين القسس والرهبان ومكان سكنهم ومباني الكنائس ومستنداتها وممتلكاتها وهذه المهام ترتكز على جمع المعلومات عن البيئة المحيطة ، وكانت مخابرات الكنائس من مصادر معلومات قلم مخابرات المستعنر واستخبارات قوات دفاع السودان .
اهتمت مخابرات الكنائس برصد تجمعات أنصار المهدية وخلايا التنظيم الشيوعي وجمعيتي الاتحاد واللواء الأبيض ثم مؤتمر الخريجين .
وعندما أيقنت عزم الشعب السوداني على الاستقلال من بريطانيا بدأت في تحريض الجنوبيين على التمرد وزودتهم بالمعلومات والخطط والتدريب والنقل والسلاح والزي ذلك ابتداء من العام 1953 ليندلع التمرد في سنة 1955 .
في فترة حكم عبود ونتيجة لتوجيهه بنشر الإسلام واللغة العربية وتعريب المناهج في الجنوب ،زاد النشاط الاستخباري للكنائس وعمل بعض القسس على زرع الاعشاب النهرية في النيل الأبيض لاعاقة الملاحة بين الشمال والجنوب وقد ضبطوا وحوكموا بالجلد والغرامة ومنهم القسيس منيني .
بعض القسس الجنوبيون ابلغوا الأمن العام بأفعال وأقوال القسس والرهبان الأجانب، والتقى بعضهم الفريق عبود بالقصر الجمهوري واحاطوه علما بتلك النشاطات، فاصدر قرارا بطرد رجال الدين المسيحي الأجانب من السودان وسودنة الكنائس .
لم يعد من طردوا إلى اوطانهم بل مكثوا على حدود جوار السودان ومنها الكنغو واوغندا وكينيا واثيوبيا وانشأوا معسكرات لتدريب المتمردين عسكريا واستخباريا وقدموا لهم ما يحتاجون من دعم .
ثم حرضوا حكومات أميركا وبريطانيا والمانيا للاطاحة بنظام عبود فكان لهم ما أرادوا.
استمرت مخابرات الكنائس في رصد نشاط الحزب الشيوعي حتى إعدام قادته في يوليو 1971 .
ثم نشطت بعد تطبيق التشريعات الاسلامية في سبتمبر 1983 وساعدت متمردي جنوب السودان وتنظيم فيليب عباس غبوش .
وفي سنة 1985 ساعدت متمردي جنوب السودان على تدبير مخطط لقتل نساء واطفال العاصمة الخرطوم في فترة وجود أرباب الأسر في العمل ، كشفت الجبهة الاسلامية هذا المخطط وبالفعل ظهرت مجموعات القتل في الأسواق والمقاهي ، كل قائد معه 50 فردا .
تم وضع الجيش في الصورة وطلب من شباب الاسلاميين عرقلة التحرك ساعة الصفر وإبلاغ الجيش للحضور .
لكن نشرت صحيفة الوان بالخط الأحمر العريض في صفحتها الأولى خبر المؤامرة فاذا بالمتمردين( فص ملح وداب ) ، ولم يعثر لهم على اثر .
ثم كثفت مخابرات الكنائس من تشاطها حين تحالف الصادق المهدي مع إيران، وزادت تشاطا في حقبة ثورة الإنقاذ الوطتي 1989 ..
يذكر ان أجهزة أمن الكنائس بها إدارات للامن الداخلي ومكافحة التجسس والمخابرات الخارجية والاستخبارات العسكرية .
د. طارق محمد عمر.
رئيس لجنة الشؤون الأمنية بتجمع الاكاديميين والباحثين والخبراء السودانيين.
الخرطوم في يوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025 .