مقالات

الطاهر ساتي يكتب: (شربان ساي )

 

:: نفي مبارك أردول أن يكون شريكاً في شركة ديب ميتالز، موضحاً بأنه مديرها فقط..وهذا يذكرني بزميلنا عند تفتيش النظافة في طابور الصباح بالإبتدائية، وكان التفتيش يطال الملابس الداخلية، وفأجأ الأستاذ زميلنا سائلاً : (سروالك وسخان ليه؟)، فرد الزميل مُرتبكاً : (ما وسخان والله، شربان ساي)..!!

:: لا معنى لتوضيح أردول علاقته بالشركة، مساهماً كان أو مديراً، وسيان المساهم و المدير من حيث السُلطة و النفوذ، بل سُلطة المدير ونفوذها هي الأقوى..وبالنفوذ نجح أردول في الذهاب بمُلاك الشركة إلى حيث وزير المعادن، ليُبدي رغبتهم في الإستثمار في قطاع المعادن بالسودان ..!!

:: وشركة ديب ميتالز غير ملامة على الإتفاق مع الحكومة حول أي مشروع.. وناهيك عن طلب إبداء الرغبة في الإستثمار أو مذكرة تفاهم، بل الشركة غير ملامة حتى لو إستخرجت كل المعادن من باطن أرضنا بغير ترخيص أوقانون، وهرّبت كل إنتاجها دون أن تدفع جنيهاً للدولة، فهي غير ملامة ..!!

:: ومن الغباء أن تلوم الناموس وأنت ترقد عارياً بغير ناموسية بجوار البرك الآسنة، أو أن تلعن اللص و منزلك بلا أسوار و غُرفك بلا أبواب ونوافذ.. فالسادة بشركة ديب ميتالز، مثل كل المستثمرين، وظيفتهم هي فقط الإستثمار لصالح شركتهم، وليس إصلاح الحكومات وقوانينها وكوادرها ..!!

:: وليس في السودان فقط، بل في العالم، لم يحدث أن شركة رفضت مشروعاً مُربحاً لعدم طرحه في عطاء، ولم يخلق دنيا المال رجلاً أدار ظهره لعروض مغرية لعدم وجد منافسين.. فالثغرة التي يجب سدها بالنقد هي الثغرة التي بها تتسرب الشركات على المشاريع بغير وجه حق، أي ثغرة الحكومة ..!!

:: و في قضية الساعة دروس ..صحيح لم يحدث شئ غير ( ونسة و تصوير)، لا إتفاق ولا حتى مذكرة تفاهم ، ولا تستطيع الشركة نشر ورقة بها توقيع الحاضرين، لعدم وجودها..هي أبدت رغبتها في الإستثمار و غادرت، كما فعلت شركات أخرى لم تنشر لقاءاتها مع وزير المعادن، ربما لأنها ليست بحاجة للترويج عن نفسها ..!!

:: و بالمناسبة، لو تم تنفيذ (1%) من إتفاقيات ومذكرات – و ونسات – أجهزة الحكومة مع الشركات الأجنبية لنافست بلادنا الدول العظمى في عظمتها، ولكن لاتُنفذ لأسباب وبائية.. فساد الأجهزة وما فيها من إبتزاز و رشاوي، ثم تقاطعات السلطات المحلية والولائية مع الاتحادية، ثم جهل المجتمعات وعكاكيز الأهالي، ثم الإعلام السلبي..!!

:: تلك هي وبائيات الإستثمار في بلادنا.. فالمستثمر يأتي فرحاً – كما حال الجارحي اليوم – ثم يهرب مذعوراً ونادماً مثل الراجحي، الوليد بن طلال، أحمد بهجت، نجيب ساويرس، العُتيبة، و..و.. لن تسع الزاوية فيالق المستثمرين الهاربة من وبائيات أجهزة الدولة وحمقى المجتمعات ثم الإعلام الضال ..!!

:: ثم وباء الحرب، وهذا شرّد المستثمرين من كل القطاعات، بما فيها التعدين ..والحقيقة المُرة هي أن بلادنا الآن غير جاذبة حتى للنمير و أردول، ناهيك عن الجارحي و الراجحي و غيرهما من الأجانب.. ولو كنت وزير المعادن لإختبرت جدية المستثمرين و حوّلت ( ونسات القاهرة) إلى إتفاقيات ذات شروط جزائية، ولو فعل ذلك لهربوا من قاعات الأُنس ..!!

:: وإن أبدت شركة ديب ماليتز عن رغبتها في إستثمار (277.3 مليون دولار) بالسودان، فطالبوها بضخ ربع هذا المبلغ اليوم قبل الغد، ثم تستثمر كما تشاء وبدون شروط..ولن تفعل، لأن الجارحي ليس بساذج ليرمي بأمواله في السودان فيما أثرياء السودان يستثمرون في القاهرة ودبي وتركيا وغيرها ..!!

:: فالبلاد تضج بشركات السلاح و منظمات الإغاثة، وليس بشركات الذهب والزراعة والصناعة..و الصخب الراهن جيّد بغض النظر عن التفاصيل، إذ يُنبئ بأن دنيا السودان بخير رغم الحرب و الفقر و التشريد، ولكن المؤسف أنه مثل الحامل الكاذب، أي لا يُوجد في الواقع غير ذات الثالوث ..!!

:: وصحيح موارد السودان تُلفت أنظار المستثمرين، و لكن سلوك الحكومة والمجتمع و الإعلام يصدمهم و يصدهم..لقد أخطأ وزير المعادن، وما كان عليه أن يلتقي بالسيد الجارحي وحده، حتى ولو كان الوسيط النمير و أردول، بل كان عليه تنظيم ملتقى للراغبين والمستثمرين في قطاع التعدين، بمن فيهم الجارحي ..!!

:: وفي الملتقى، يعرض فرص وقوانين الإستثمار في قطاع التعدين، ثم يعود إلى السودان وينتظر نهاية الحرب، عسكرياً أو سياسياً..نهاية الحرب هي بداية الإستثمار، وهذا ما حدث عقب إتفاق نيفاشا، بحيث لم تسع فنادق الخرطوم جيوش المستثمرين الذين توافدوا، ثم هربوا من تلك الوبائات..!!

:: ولكي لا نعيد سيناريو الهروب، لحين القضاء على المتمردين حرباً أو سلماً، فعلى مجلس الوزراء توفير مناخ الإستثمار، وذلك بإصلاح القوانين والآليات والسياسات، ثم تفعيل الأجهزة الرقابية والمحاسبية..وبالمناسبة، أين مفوضية مكافحة الفساد التي وعدنا بها هذه الحكومة، كالسابقات ..؟؟

::عفواً، ستظل مفوضية مكافحة الفساد مثل الثورة المهدية، تقرأ عنها الأجيال، جيلاً أثر جيل، و لن تراها إطلاقاً..ولذلك ليس في الأمر عجب بأن يبقى الحال العام كحال ذاك التلميذ مرتبكاً و مُبرراً : ( ما وسخان والله، شربان ساي )..!!

النصر نيوز

المدير العام ورئيس التحرير:     ام النصر محمد حسب الرسول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى