
صحيح ان الحرب ينجم عنها سفك دماء و ازهاق أرواح و خوف و جوع و عطش و مرض و رهق فيصبح الانسان و اهن ضعيف الارادة ، و كلما قلت قوة تحمله كلما ضعفت ارداته .
و من مآسي الحروب اختراق الدول والتنظيمات ، لذلك إن أرادت مخابرات دولة عظمى او كبرى اختراق دولة أو تنظيم عمدت إلى تدبير و افتعاال حرب ، لادراكها ان الحرب تحدث اضطرابا في دولاب عمل مؤسسات الدول و بالتالي يغيب الرقيب و الحسيب فالكل منشغل بأمر الحرب .
المخابرات البريطانية أشعلت الحرب على حدود السودان مع الجوار إبان الحقبة المهدية فتحركت الجيوش باستخباراتها و مخابراتها نحو الحدود ، فتمكن ضابط المخابرات البريطاني و نجت باشا من زرع شبكات تجسس حبشية في ديوان حكم الخليفة وبيته ، و في دواوين الأمراء و مساكنهم، مثلما زرع عميلا ضمن مستشاري الخليفة وجند قضاة كبار ، و عمل على تهريب الأسرى و من بينهم فرانشكا الدورو زانوا التي تسببت في موت المهدي بالسم ، و تهريب كبير الجواسيس الأسير سلاطين باشا .
أشعلت المخابرات البريطانية بالتعاون مع المخابرات الأمريكية و الكنسية الحرب في جنوب السودان سنة 1955 ، فاستغلت المخابرات الأمريكية الفراغ الأمني و تلاعبت بالدوائر الانتخابية لصالح حزب الامة و اسقطت الزعيم الازهري في الانتخابات الأولى، و تمكنت من تجنيد شخصيتين امنيتين تسببتا في الاطاحة بحكومة الفريق / ابراهيم عبود .
و شغلت الديمقراطية الثانية بتمرد الجنوب فاخترقت و اطاح بها العقيد / نميري 1969 .
و نميري نفسه شغل بحرب الجنوب إثر تطبيقه التشريعات الاسلامية عام 1983 فاخترقت مؤسسات الدولة لاسيما الخدمية منها فانهار النظام تحت الضغط الشعبي .
كذلك شغلت الديمقراطية الثالثة بحرب الجنوب فاخترق جهازها الأمني التابع لوزارة الداخلية و مكتب رئيس الوزراء .
الإنقاذ أيضا تعرضت لذات المخطط فحدثت اختراقات اضعفتها و جعلتها اثرا بعد عين .
صدام حسين رئيس العراق حرضته المخابرات الأمريكية على محاربة نظام الخميني 1979 ، فاخترقت المخابرات الأمريكية قياداته العسكرية و الاستخبارية فسلموا مفتاح بغداد للقوات الأمريكية و اعدم صدام .
ايران شغلت بحروب حزب الله و البعث السوري و حماس و الحوثي فاخترقت مؤسساتها الأمنية والعسكرية .
من مهام الأجهزة الأمنية منع و قوع الحروب ذلك في إطار نشاطها الوقائي ، لكن لابد لها من وضع خطة طوارئ للحد من تفاقمها و الحد من آثارها على ان تشمل الانتشار و اعادة التموضع داخل و خارج البلاد و التنسيق البيني ووسائل الإتصال و الحركة و التنكر و التمويه .
د. طارق محمد عمر .
الخرطوم في يوم الخميس 17 أبريل 2025 .