
كلمة كاثوليك اشتقت من كلمة كاثوليكوس في اللغة اليونانية وهي تعني عام او شامل ، ذلك ان الكنيسة الكاثوليكية تعتبر نفسها الكنيسة المسيحية العالمية الشاملة لجميع معتنقي الديانة المسيحية .
الكنائس الكاثوليكية في السودان تتبع للكنيسة الرومانية( روما) الكاثوليكية العالمية نحت قيادة بابا الفاتيكان .
يعود تاريخ الكنيسة الكاثوليكية في السودان إلى القرن السابع عشر الميلادي ذلك في حكم السلطنة الزرقاء إلى جانب كنائس الاقباط والحبش والاغريق والارمن والبرتغاليين ، وهذا يشير إلى وجود تسامح ديني في ذلك العهد .
واستمر هذا الوضع في التركية السابقة 1821 إلى 1885 وزاد بكنيسة النمسا .
وبمجئ الثورة المهدية هرب معظم قسس ورهبان الكنائس باستثناء الاغريقية والنمساوية والاخيرة لعبت دورا مهما في اتصال حكومات الخارج بحكومة الخليفة عبد الله وان كان الأمر لايخلو من تجسس حيث كانت الخطابات تكتب باللغات الأجنبية حتى لاتفهمها مخابرات الخليفة ، لذا نبهنا كثيرا لأهمية تعلم كوادر المخابرات اللغات الأجنبية .
بعد عام من حكم كتشنر للسودان 1899 تمت المصادقة على فتح كنائس جديدة بمختلف طوائفها في السودان وأكثرها في الجنوب وجبال النوبة والنيل الازرق .
أنشأ الكاثوليك كنائسهم في الأبيض والخرطوم و واو ورمبيك وملكال ويامبيو وياي وتوريت وجوبا .
عملت الكنائس الكاثوليكية على تقديم خدمات طبية وتعليمية واغاثية في المناطق التي تعمل بها .
منتصف ثلاثينيات القرن العشرين ظهر خلاف بين بريطانيا وإيطاليا بسبب غزو الجيش الإيطالي لاثيوبيا 1935 ، فادانت عصبة الأمم هذا الغزو وفرضت عقوبات على إيطاليا وكانت بريطانيا ضد الغزو .
لحظتها استنفرت الكنائس الكاثوليكية الإيطالية أجهزتها الأمنية في مراقبة ورصد المستعمر البريطاني والجيش وقلم المخابرات .
ومع اشتعال الحرب العالمية الثانية 1939 وقفت إيطاليا إلى جانب ألمانيا واليابان اي دول المحور بينما انضمت بريطانيا للحلفاء .
نشطت مخابرات الكنائس الكاثوليكية في تزويد المخابرات الايطالية بالمعلومات واحداثيات ثكنات الجيش والمرافق الحيوية، فشن الطيران الايطالي هجمات على كسلا وبورتسودان والعاصمة الخرطوم حيث استهدفت قسم البوليس الأوسط بشارع العرضة أمدرمان لوجود مكاتب لقلم المخابرات داخله، الا ان القنبلة اخطات المركز وقتلت حمار لامرأة بائعة لبن تدعى كلتوم .
فتغنت الحسان :
( موسليني يا الطلياني وهتلر الالماني .. طيارة جاتنا تحوم في سماء الخرطوم.. شايلة القنابل كوم .. دايرة تضرب الخرطوم .. كتلت حمار كلتوم كلتوم ست اللبن ) .
في العام 1941 تحركت قوة من قوات دفاع السودان تحت قيادة بريطانية إلى منطقة كرن في ارتريا فهزمت القوات الايطالية بينما تحركت قوة أخرى إلى الكفرة الليبية وهزمت القوات الايطالية.
كانت كنيسة الخرطوم الكاثوليكية نشطة في أعمال التجسس على المستعمر البريطاني وهو مالم يدركه قلم المخابرات ولا الفرع المخصوص .
بينما كانت كنيسة الأبيض هي التي تدير جميع شبكات التجسس التابعة للكنائس الكاثوليكية في أفريقيا.
وكانت لها أجهزة اتصال لاسلكية بعيدة المدى وسيارات دفع رباعي سفرية وكان قسسها ورهبانها يحبون الهدوء وتزعجهم الضوضاء مما يشير الى انكبابهم على تحليل وتقييم المعلومات .
وفي العام 1943 اختلفت إيطاليا مع دول المحور وانضمت للحلفاء وقاتلت ضد ألمانيا يشراسة.
بعدها صارت مخابرات الكنائس الكاثوليكية اهم مصدر معلومات للمخابرات الأمريكية مقابل الدعم المالي والمادي والحماية .
د. طارق محمد عمر .
رئيس لجنة الشؤون الأمنية بتجمع الاكاديميين والباحثين والخبراء السودانيين .
الخرطوم في يوم الجمعة 26
سبتمبر 2025 .