الطاهر ساتي يكتب: الجنجويد فكرة ..(1)

:: يتواصل انحدار الجنيه، ولن يتوقف الانحدار ما لم يلتفت المجلس السيادي إلى إدارة بنك السودان، فإن هذه الإدارة و سياساتها هي آفة الاقتصاد الوطني، ليس الآن فحسب، بل منذ سنوات، ولكنها إدارة محمية..فالبنك المركزي عاجز عن إلزام مؤسسات وشركات الدولة بنقل حساباتها المصرفية الى البنوك الحكومية، كما تنص لوائح المال العام..!!
:: فمن الغرائب أن ترهن البلد كُتلتها النقدية لبنك واحد فقط، رغم أنه أنشط البنوك في المضاربات وتجارة العُملة..هذه ثغرة كُبرى، ترعاها وتحميها إدارة بنك السودان، وكان يجب سدها من زمن بعيد، ولكن للأسف – كما قال ياسر عطا في ذات غضبة، ثم سكت – فإنّ الجنجويد يسيطرون على مفاصل القرار في البنك المركزي.. والجنجويد فكرة ..!!
:: وفي مارس الماضي ، مخاطباً ورشة اقتصادية، تحدث الفريق مهندس إبراهيم جابر عن التزام الدولة بالمضي قدمًا في تنفيذ مشروع التحول الرقمي والشمول المالي، و جازماً عدم وجود أي نية للتراجع أو التخاذل .. ولكن للأسف، لم تمض الدولة قدماً في تنفيذ مشروع الشمول المالي، بل أجبرت مراكز القوى الفاسدة بالدولة و المجتمع الحكومة على التراجع و التخاذل ..!!
:: فالشمول المالي يعني الدولة الخدمات المالية لفئات المجتمع، مؤسسات و أفراد،وتمكينها من استخدام الخدمات المالية بجودة وأسعار مناسبة، وذلك من خلال نوافذ مالية رسمية، وهي النوافذ المحتكرة حالياً لبنك واحد فقط لاغير..لاتوجد دولة في العالم – غير بلادنا المنكوبة – تُمكّن بنكاً واحداً من السيطرة على (90%) من كُتلتها النقدية، هذا خطر لو تعلمون عظيم..!!
:: فالدكتور جبريل إبراهيم يعلم مخاطر عدم وجود منصة رقمية موحدة ورسمية في إدارة الكُتلة النقدية، ويعلم مخاطر احتكارالمنصة لبنك، ولايُحرّك ساكناً في هذا الملف الخطير..ي فالسادة يتجولون ولا ينقلون التجارب، و(أنستا باي) هي التجربة المصرية في توحيد منصة الدفع الإلكتروني، ولا يوجد في مصر – و كل دول العالم – مصرفاً يحتكر كُتلة البلد النقدية..!!
:: وكذلك كينيا، وتجربة الشمول المالي عبر منصة ( إم بيسا)، وهي الخدمة الرائدة للتحويلات المالية .. وكل دول العالم، ليست هناك دولة تضع كل بيضها في ( سلة واحدة) يمتلكها أفراد، فيهم أجانب، وكأن الأمن الاقتصادي في البلد إنشغل بالسياحة وحرس الصيد، وليس بحماية اقتصاد البلد من هكذا مخاطر ..!!
:: وعندما ينحدر الجنيه يبدو أن الأمن الاقتصادي أيضاً يتهم الحرب وحدها – مثل عامة الناس – ثم يسكت، ويغض الطرف عن الأسباب الأخرى، وأخطرها المضاربات والتحويلات الفاسدة التي تتم من وراء عيون الرقابة، و إدارة الجنجويد ببنك السودان هي التي بين الرقابة والفساد، و ذلك بتعطيل المنصة الرقمية الموحدة والمملوكة للدولة ..!!