رشان اوشي تكتب: الى “النيابة العامة” وثائق و حقائق

إحدى أخطر نتائج حرب ١٥/أبريل ، أن الفوضى وانشغال الدولة بالعمليات العسكرية والضغوط الخارجية فرضت واقعاً جديداً وخطراً في بلادنا وهو ما أسميه “ظل الدولة”.
يخوض السودانيين معركتهم الوجودية في أخطر مراحل تاريخهم، لكن الأقسى والأفظع والأسوأ، هو ثمة حالة مرضية غريبة رهيبة تصيب الضمير الوطني و تترافق دائماً مع الفراغ السلطوي وغياب الدولة ، أو غالباً، في مستوى أكثر حدة وعمقاً.
دائماً نظن أن الحرب هي بين الدولة و”مليشيا الدعم السريع” ، فإذا هي بين الشعب وجماعات الانتهازيين .
حكايتنا الثانية من مدينة “الدبة” مركز قيادة العمليات العسكرية نواحي حدود دارفور مع الولاية الشمالية، وفي ظل التهديد الأمني الذي يواجه السودان عبر هذا المنفذ، نشأت جماعات انتهازية من رجال أعمال وناشطين، قدمهم الإعلام داعمين للجيش في محنته، ولكن ما الحرب إلا سانحة لن تتكرر من أجل الوصول الى الثراء .
بدأت الحكاية، بتاريخ يناير/٢٠٢٤م، عندما أصدر رئيس الغرفة التجارية بالولاية الشمالية “احمد مدثر” قراراً بفرض رسوم مالية على سيارات نقل البضائع التي تعبر الولاية ، وقام بتحديد نقاط للجبايات عبر إيصالات تحمل “ترويسة الغرفة التجارية” واختامها، بهدف توفير دعم مالي للقوات المسلحة الفرقة (١٩) مروي والمقاومة الشعبية، تودع الأموال في حساب خارج ولاية وزارة المالية ولا يخضع لسلطة المراجع العام.
فرضت “الغرفة التجارية” مبلغ (٢٥٠.٠٠٠) جنيه على السيارة الواحدة المخصصة لنقل البضائع ، و حتى ١٥/يوليو/٢٠٢٤م، تم تحصيل حوالي (29761) إيصال، بقيمة (9.500.000.000) جنيه،ولاحقاً فرضت زيادة على الرسوم لتصبح (400.000) بدلاً عن (250.000) جنيه .
وفي مطلع العام ٢٠٢٥م ، فرضت “الغرفة التجارية” رسوماً على سيارات نقل البضائع التي تعبر الحدود الى داخل الولاية بقيمة (١٠٠.٠٠٠) جنيه دعماً للمقاومة الشعبية، وحتى يوم حتى يوم ٢٦/مايو/٢٠٢٥، تم تحصيل (69166) إيصال بقيمة (69.166.000.000) جنيه.
حيثما أصبحت “الغرفة التجارية” تصطاد من أرادت، ووقت ما أرادت، ودون أي مراعاة للقوانين أو احترام للوائح وزارة المالية في التحصيل المالي، فرضت رسوماً أخرى على حمولات عربات نقل البضائع بقيمة (1000) جنيه للطن، ورسوم أخرى على السيارات التي تتجول داخل مناطق الولاية بقيمة (30.000) جنيه، و في الفترة من ٢٠/ حتى ٢٧/مايو/٢٠٢٤م تحصلت حوالي (3000) إيصال بقيمة (300) مليون جنيه سوداني .
وعليه، فإنَّ السؤال موجه لقيادة الفرقة (١٩) مروي، وقيادة المقاومة الشعبية بالولاية الشمالية الفريق” صالح ياسين” و اللواء “عبدالرحمن فقيري”: هل استلمتم هذه المبالغ الطائلة والتي تم تحصيلها بإسم معركة الكرامة ودعم المجهود الحربي؟.
وعليه، فإن السؤال موجه للنائب العام لحكومة السودان، هذه المجموعة التي امتصت دماء الشهداء وحولتها إلى ثروات شخصية، ضربت بالدولة عرض الحائط، ومرغت هيبتها في الوحل، هل ستنجو بفعلتها تلك كما نجا العديد من الخونة والمجرمين من قبل؟ .
هي أسئلة، لكنها تقود إلى أجوبة محددة، ولو قلتها مباشرة، لقيل إن الطرح حاد. فهل اتضحت الصورة بكل هدوء؟.
في الحلقة القادمة:
من يرعى المليشيات المنفلتة بالولاية الشمالية ؟ وفيما يتم توظيفها؟.
محبتي واحترامي