فجَّر خلافات وسط الميليشيا واتهامات بالخيانة وأحرج التمرد في نيروبي،، استرداد القصر،، تغيُّر الموقف الدولي..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو

فولكر يخالف التوقعات ويعلن ارتياحه لانتصارات الجيش..
الخارجية الأمريكية: استعادة القصر الرئاسي حدثٌ مهم..
خبير أفريقي: الجيش يخطو محورياً نحو إعادة الاستقرار السياسي والعسكري..
الجنرال معاوية: المجتمع الدولي اقتنع بقدرة الجيش على حسم الحرب..
دكتور راشد: شكاوى السودان ورَّطت الإمارات وشكلت عليها ضغطاً كبيراً..
مقتل الميليشي أحمد جدو الذي كان معنياً بإعلان الحكومة الموازية من داخل القصر..
وبعد مضي أربعة أيام على ملحمة النصر التي شهدتها باحة القصر، مازالت الأصداء تتفجر في الأرجاء، فقد ضربت الخلافات ميليشيا الدعم السريع، والمتحالفين معها، والداعمين لها على الصعيدين الداخلي والخارجي، وبحسب مصادر فقد نشبت مخاشنات لفظية حادة بين قادة الميليشيا العسكريين الميدانيين، بعد فشل الخطط العسكرية لحماية القصر والسيطرة على منطقة وسط الخرطوم التي فرض فيها الجيش كلمته وأوقع خسائر فادحة في صفوف الميليشيا وقتل عدداً كبيراً من قيادتها، أبرزهم محمد أحمد جدو الذي كان معنياً بإعلان الحكومة الموزاية من داخل القصر الرئاسي، حيث وصلت الخلافات وتبادل الاتهامات درجة توجيه تهمة الخيانة والتآمر مع الجيش، متهمين بعضهم البعض بالجاسوسية ووجود عناصر مزروعة بينهم، فيما ألقى القادة العسكريون للميليشيا باللائمة على المستشارين السياسيين واتهموهم ببيع الوهم وتضليلهم بأن المعركة محسومة سياسياً في ظل وجود دعم وإسناد دولي، وتتزامن خلافات الميليشيا في الخرطوم، مع فوضى تسود الأجواء في كينيا، حيث اتهمت مجموعة نيروبي، عبد الرحيم دقلو قائد ثاني ميليشيا الدعم السريع، بالكذب عطفاً على ما ظل يردده بأن قواته تمسك بزمام المبادرة ميدانياً بعد أن تحصلوا على المزيد من العتاد والمعدات الحربية من داعميهم، معتبرين أن استرداد الجيش للقصر الجمهوري، كشف زيف وادعاءات عبد الرحيم الباطلة.
فولكر يخالف التوقعات:
وعلى الصعيد الدولي فقد سارت الركبان بالانتصار الساحق الذي حققته القوات المسلحة والقوات المساندة لها باستعادة القصر الرئاسي ودحر ميليشيا الدعم السريع المتمردة، حيث أكد المبعوث الأممي السابق إلى السودان فولكر بيرتس، أن استعادة الجيش السوداني للقصر الجمهوري تشير إلى اقتراب الحرب من نهايتها في شرق ووسط السودان، مما يمثل تطوراً إيجابياً يبعث على الارتياح، لكنه أشار إلى أن النزاع لا يزال مستمراً في دارفور، مبيناً أن النجاحات العسكرية التي حققها الجيش السوداني سوف ترغم قوات الدعم السريع على الانسحاب إلى معقلها في إقليم دارفور غرب البلاد، وزاد: “الجيش السوداني حقق نصراً مهماً وكبيراً عسكرياً وسياسياً في الخرطوم”، وقال فولكر إن الجيش سيقوم قريباً بتطهير العاصمة والمناطق المحيطة بها من الدعم السريع، وأضاف بيرتس: “ستقتصر قوات الدعم السريع إلى حد كبير على دارفور، سنعود إلى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين”.
خطوة لإعادة الاستقرار:
وفي القاهرة أكد الأمين العام المساعد لمنظمة الوحدة الأفريقية سابقًا السفير أحمد حجاج، أن استعادة الجيش السوداني للقصر الجمهوري في الخرطوم تمثل خطوة محورية نحو إعادة الاستقرار السياسي والعسكري في السودان، مبيناً أن هذا الإنجاز يعكس قدرة القوات المسلحة السودانية على التصدي للميليشيات المسلحة واستعادة المناطق الاستراتيجية، مؤكداً في حديثه لقناة القاهرة الإخبارية، أن السيطرة على القصر الجمهوري لها أهمية سياسية كبرى، إذ يمثل هذا المقر رمزاً لوحدة السودان وسيادته، وقال السفير حجاج إن خطوة استعادة القصر الرئاسي في الخرطوم قد تسرّع من عودة الحكومة السودانية إلى العاصمة لمباشرة أعمالها من داخل الخرطوم بعد نحو عامين من وجودها في العاصمة الإدارية المؤقتة في مدينة بورتسودان.
حدث مهم:
إلى واشنطن حيث وصفت الخارجية الأمريكية استعادة القوات المسلحة السودانية للقصر الجمهوري بالحدث المهم الذي تتابعه الإدارة الأمريكية، وقالت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية السيدة تامي بروس في تصريحات صحفية تعليقاً على سؤال حول استعادة القصر و أهمية هذا الحدث “أعتقد أن العالم في معظمه يجب أن يراقب هذا الوضع، ويبدو أنه حدث مهم لكننا نراقب الوضع ونعي ذلك”، وأضافت وفقاً للتصريحات الصحفية التي نشرها موقع وزارة الخارجية الأمريكية، أن القوات المسلحة السودانية استعادت بالفعل القصر الرئاسي في الخرطوم، مبينة أن القتال الدائر في الخرطوم يُظهر العواقب الوخيمة للصراع على شعب السودان، وأكدت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية أن بلادها تواصل حثّ الأطراف المتحاربة على وقف الأعمال العدائية وتسهيل حركة المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة بأمان ودون عوائق.
مؤشرات انهيار آل دقلو:
واعتبر الخبير العسكري الجنرال معاوية علي عوض الله أن التفاعل الدولي مع الانتصارات الساحقة والمتلاحقة للقوات المسلحة والقوات المساندة لها واستعادتها القصر الرئاسي، شيئاً منطقياً للدلالات العميقة للقصر باعتباره رمزاً للسيادة الوطنية، وقال الجنرال معاوية دانيال في إفادته للكرامة أن المجتمع الدولي والإقليمي قد اقتنع تماماً بتغيُّر المعادلة على الأرض واستلام الجيش زمام المبادرة والسيطرة على كل محاور وجبهات القتال مما يشير انتهاء الحرب تماماً، داعياً ما تبقى من ميليشيا الدعم السريع إلى وضع السلاح أرضاً والتسليم فوراً حفاظاً على أرواحهم وحقناً لدمائهم، معتبراً أن الوصول إلى القصر الرئاسي يعني نهاية الحرب وما تبقى من جيوب في بعض مناطق الخرطوم ودارفور مقدور عليها ولن تكلف القوات المسلحة والقوات المساندة لها لا زمن ولا ذخيرة، وختم حديثه للكرامة بأن الخلافات التي تدب في جسد الميليشيا وحلفائها ليست سوى دلالة على هشاشة ما يربط بينهم، وهي مؤشرات الانهيار وفشل المشروع الدموي والتدميري لميليشيا آل دقلو، ما بني على باطل فهو باطل.
اهتمامات مبررة:
ويرى أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية دكتور راشد محمد علي الشيخ أن دلالات تصريح المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية تتسق تماماً مع أهمية القصر الجمهوري بالنسبة للشعب السوداني لما يمثله من رمزية للسيادة الوطنية وقد أصبح جزءً من كليات المعركة العسكرية، هذا فضلاً عما تمثله هذه الخطوة من قيمة عسكرية على مستوى أرض المعركة تحمل دلالات تقليص المساحات التي كانت توجد فيها ميليشيا الدعم السريع، في مقابل تقدم الجيش وإمساكه بزمام المبادرة ميدانياً، وقال دكتور راشد في إفادته للكرامة إن الاهتمامات الأمريكية المبررة تأتي وفقاً للتغييرات التي تتم في الميدان بتقدم الجيش وتراجع الميليشيا، مستبعداً في الوقت نفسه أن يكون تصريح الخارجية الأمريكية مؤشراً لتغيير في الموقف الأمريكي باعتبار أن الإدارة الأمريكية تضع السودان في منطقة الظل الاستراتيجي وتتعامل معه عن طريق دول محور الوظائف الذي تمثله في هذه الحالة دولة الإمارات التي قال إنها وقعت في ورطة كبيرة في الشأن السوداني عطفاً على الشكوى الثالثة التي دفع بها السودان إلى منضدة المحكمة الجنائية الدولية مما تمثل ضغطاً كثيفاً على حكومة أبي ظبي وبالتالي فإن واشنطن تحاول أن تنفض يدها شيئاً فشيئاً من التعامل مع الملف السوداني وتتجنب أن تكون داعمة للإمارات حتى لا يفسر ذلك في القانون الدولي بأنها من العوامل المساعدة لزيادة دافعية الصراع في السودان وهي تعلن بطبيعة الحال خلاف ذلك، وطالب دكتور راشد الحكومة السودانية بضرورة الاستفادة من الزخم المتعلق بالانتصارات المتلاحقة، والالتفاف الشعبي حولها، وترجمته بفعل سياسي تمارس من خلاله المزيد من الضغوط على الإمارات.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر، فمن الواضح أن المعدلة الدولية والإقليمية في تغيير متصاعد لصالح الجيش الذي يمضي بخطى ثابتة لاستعادة كامل مفاصل البلاد من أيدي الميليشيا المتمردة، فكلما تقدم الجيش، كلما ازدادت وتيرة التفاعل الإيجابي من قبل المجتمع الإقليمي والدولي، ولن يمضي كثير من الوقت حتى تبارك جميع دول العالم للسودان انتصاره على الميليشيا المتمردة واستعادته هيبة الدولة ومفاصل الحكم في البلاد، وما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة.